النسق الفكري والنص...بقلم الكاتب طه دخل الله عبد الرحمن


 النسق الفكري والنص

لفن الكتابة وصياغة النصوص الأدبية رؤية جمالية وأيدولوجية عبقرية، ذات ضوابط فنية تحكمها متمثلة في تنسيق الفقرات وبراعة السياقات للنصوص بالموهبة الفطرية للكاتب والتي نسميها "إبداع".

ولها قوانين لغوية تؤطرها متمثلة في:

النحو "لجام اللغة" وهو لجامٌ لا بد منه، فإن سقط، سقطت فراسة الكاتب، وبانت سوءة النص.

مروراً بعلامات الترقيم "محطات التوقف" وهي استراحات قصيرة لإراحة القارئ، والتوقف بين الجُمل والعبارات، بغرض التأمل والتروي في فهم المعنى بتركيز وحصافة.

ثم إنتهاءً بالبلاغة "أدوات التجميل" وهي أدوات بيانية، تبين دقة المعنى المراد، وأخرى بديعية، تتيح لقارئها مجاز التأويل.

ولا شك في أن الجمال الحقيقي يكمن في التلقائية "تلقائية التعبير وعفوية المفردة" وهنا مربط الفرس: أن تأتي الأدوات عفوية دون تكلف.

فالنص الخيالي -مثلاً- لا يجسد واقع حقيقي، لكن البراعة والسجية في استخدام البلاغة قد تجعل من الخيال واقع يمشي على قدمٍ وساق، لإقناع القارئ بأن الخيال ما هو إلا ظل لشفافية الواقع.

والنصوص هي أيقونة الجمال النثري على مَتحفِ الإبداع، والتي يبدأُ تكونها الفِطري داخلَ رحم الموهبة -الموهبة وِعاءٌ ينضح بما فيه وبما ليس فيه- فيطورها ويصقلها الكاتب بخيوط متفرعة تنتهي وتقترن بإزدواجية التمرس والشغف، وهي إزدواجية تساهم بدورها في إبراز عبقرية الكاتب في استكمال صياغة النص: فكرة وأسلوباً وخيالاً ليكتمل بهذا بناء النص.

من بديهيات الكتابة أن تبدأُ بفكرة لصياغة النصوص -دائماً- بفكرة، والفكرة هي الوردة وحسناء النص وهي التي يُمحورُها ويُحورُها الكاتب، لتتم زراعتها وإستنباتها داخل القالب الأدبي الذي يناسبها، فتبدأ عملية تمثيلها الفني بتكون -الثمرة- رسالة الكاتب المتبلورة على هيئة إستقراء رمزي للحروف والمفردات، مُخبأ بعناية، ومنثور بين الأسطر والقراءات. إستقراءٌ يُفهم ويَبزغ عبر النص الشِعري أو النثري، ويُستنبط ويُستوحى من خلال القصة والرواية.

تحتاج كتابة النصوص الأدبية، لكاتبٍ ذي موهبة فطرية، يصقلها بالتمرس وإستجداء الوحي وهو كمداعبة الفراشة للوردة. ثم بالمخزون الإستراتيجي من اللغة وهو المحرك لحياة الكاتب في كتابة النصوص وإستدرار المفردات، فالمفردات هي إفرازات مشاعر وتعابير مقروءة، ثم بخاصية الخيال والخيال فراشة ترفرف حول فضاء النص لتسرق من وردة الفكرة، قُبلة.

تتجسد هذه الصور مجتمعة لتشكل أسلوب الكاتب -إنتقائه الشخصي- وطريقته في أن يغرد خارج السرب، وفي إستدراج القارئ إلى دهاليز الحبكة داخل قالب أدبي بديع، وبه تتشكل وتنعكس عبقرية الكاتب على عدة مرايا: براءة الفكرة، جودة المفردة، إنتقاء المعنى وموسيقى السرد.

طه دخل الله عبد الرحمن

البعنه == الجليل == فلسطين  

20/10/2024



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شظايا الغياب...بقلمالشاعر محمد أكرجوط

 -شظايا الغياب- موجع غيابك حجب عني الإرتواء ولا قطرة تسد رمقي ولا نظرة تكفكف دمعي لتوقظني من غفوتي المشرعة على بياض القصيد  بلبلة حروفي  صدى...