أهل الخيام.. بقلم الكاتبة/د. نهاد صلاح زايد

 أهل الخِيام...


أجواءٌ  باردةٌ ورياح ٌ  عاصفة ٌ ،  وسماء ٌ  تلبدتْ بالغيومِ .. وخيمة ٌ  صغيرة ٌتتلاعب ُ بها الرياح ُ .. اقتربتُ من تلكَ الخيمةِ وإذا بها إمرأة وأطفالٌ صغارٌ 

أمام موقد ٍ نار ٍ  يوجد ُبه قليل ٌ من الجمر ِ ، وأطفالُها يتضرعون  جوعاً ، ويتلوون من آلام البرد وهم يرتدون ملابس رقيقة شبه باالية ٍ .. 

اقتربت أكثر فأكثر .. وإذا بصوتٍ يصرخُ من الداخلِ ..  من أنتِ .؟  قلت لها مُجيبة ً : تمهلِي قليلا ً 

أنا ضيفك ِ يا أُمَّاه .. ألا تُريدينَ أن أكون ضيفك اليوم وإذا بها بصوت ٍ  واهن ٍ يرتجفُ من شدةِ البردِ .. وتُرددُ  مُتهللة ً .. أهلاً وسهلاً  بضيف ِالرحمنِ ..  رغم َ أنني لا أملك ُ شيئا ً كي أقوم بضيافتِه ، فقلت ُ لها : لا عليْك ِ يا أماه ، ودخلتُ الخيمة َ وسلمت ُ على الأم العجوز ِ الواهنة ِ .. وقبلتُ رأسها بتحنان ٍ وود ٍ .. وجلست ُ بجانبِ الأطفالِ وهم يرتجفونَ منَ شدة ِ  البردِ .. تحدثنا حديثاً طويلاً كله ود ٌ وحنان .. وكنت أودُ 

أن اسألها لِمَ أنت ِ هنا يا أُمَّاهُ .؟ ولِم َ تعيشينَ أنتِ واطفالُك بهذا المكانِ البارد ِ الموحش ِ.؟ 

وهذه الخيمة الرثة البالية .؟ ولكني خَشَيْتُ أنْ أُسببَ لها زيادة ً  في الحزن أو ألما ً جديدا ً  

ولكنها بادرتني قائلة ً : أشعرُ أنكِ تودينَ أنْ تعرفي لِمَ  أنا هنا أعيش ُأنا وصغاري في هذا المكانِ وفي هذه الخيمةِالباليةِ.؟  ووتودين َ أيْضا ً أن ْ تسألينني : ومن هم صغاري هؤلاء .؟  أنا أجيبك يا بُنيَّ : هؤلاء الصبية الصغار أيتام ٌ ، إنهم أولاد إبني الشهيد وزوجته الشهيدة الذي تهدَّم بهم ُ البيت بالمقذوفات والصواريخ من قوات الاحتلال الغاشم في بقعتهم الآمنة  المُستكينة وهم لا حول ولا قوة إلا بالله ، وقدْ أنتجَ القصفُ عن شهادتهما أي أبيهم وأمهم ، وصاروا هؤلاء الصبية الصغار (الثلاثة ) أيتاماً .. وأُضيفُ يا بُنيَّ أنهم لا عائل َ لهم ولا مورد َ رزقٍ لهم لأنه أباهم كان عاملاً باليومية (يعمل في رعاية أشجار الزيتون في حقول أحد الأغنياء) ، كما أن إبني الوحيد الشهيد الفارس كان عائلا لي أيضاً فأنا ليس َ لي إلا هو بعد الله عز َّ وجلَّ ، والآن يا بُني الحبيب ليسَ لنا إلا الله وحده ، وهو نعم المولى ونعم النصير .. رحم الله إبني وزوجته واللهم اجعلهما شهيديْن عندكم يارب العالمين .

نهاد صلاح زايد..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

هل اقول قصيدة؟....بقلم الشاعر علي الهادي عمر أحمد

 هل أقول قصيدة في مدح من يحلو لدي الحديث أم أتغنى بالحروف عشقا في ذكر من بالقلب يسكن الوريد وتظل أحرفي ترقص فرحا في هوى من جعل القلب عبيد وي...