شجرة الأبجدية..
أتسلق شجرة الأبجدية معاندا خيبات أمل قديم..ومداويا تعفنات جرح قديم ..لأن الجروح التي تبدو صغيرة أو مجرد خدوش سطحية هي بالواقع خموش على ملمس ذاكرتي ..وندب كبيرة ستظل عالقة ببياض الأمسيات الراعفة للأبد..وعلى الرغم من ذلك أحاول قطف ثمار نضجت نقط حروفها ..قبل تجدر الكلمات..وترسب المشاعر..وتراكم الأوجاع..أتعثرمحملا بالآهات..بالزفرات..بعاصفة من الأمنيات.. لاهثا كحصان عائد من حرب ضروس..كانت الأرض منذ الأزل مقبرة النفائس..ومنبت الدسائس والمكائد والمؤامرات الجميلة .. كنت ذلك الحصان العائد كرها وطواعية لإصطبل الحياة فقدت حذوتي.. هاجت أمواج نخوتي ..تبعثرت غذائري ..تشققت مشاعري ..أصابني يباس الزمن ..ألم مابعده ألم..وحسرة مابعدها حسرة ..صهيل مابعده صهيل..لم أستسلم لكني استعرت من الألف والباء الشكل وغيرت المقاسات والأبعاد..وصنعت قاربا يطفو بعرق الجبين البارد حينا والدافئ حينا..أمخر عباب هذه الفصول المتتالية والتي لاتستقر على حال..علني ألاقي يوما ما وبمكان ما..روحا ترتقي أبراج السحاب..تراقب القمر في عزلته..تلامس وحدته ..ترافقه في تأملاته بمحراب ذاته..معتكفا بمكان قصي بأرجاء سحابة سابحة في سماء لاحدود لها..غمرتني رعشة على قمة هذا الهرم النوراني حيث تراءت لي كل مخاوفي القديمة والحديثة ..تلتها رجفة أيقنت ساعتها أن الأرض بلا عمد..ولهول اللحظة أطلقت العنان ليداي فطالتا ثم طالتا تحاولان عنتا التشبث بأقرب النجمات.. أمسكت والحنان يلف أصداغي ..يلف صدري..يلف معظم كلماتي وجزءا من لغتي.. أمسكت بطرف ذلك الخيط الضعيف
القوي رغم رهافته ورغم وهنه ورغم عتاقته ..حبل المحبة والمودة الذي يتدلى من سابع سماء لينقذنا وينتشلنا من عمق دوامة محيط المكر والخداع ..من غور براثن الحقد والضغينة ..لوكان يقدرلي لعدت بعمري لسنوات خلت وأصبحت رسولا داعيا للمحبة الإنسانية الصرفة الصادقة الحقيقية المنبعثة من دهاليز القلوب ..من أغوار الأفئدة.. لعدوت بلا نعال في صحراء المجهول.. لتهت وهمت على وجهي صارخا مناديا في الأسواق والساحات والحارات أحبوا بعضكم..لن أتوقف أبدا ..كل ثانية من عمري سأشحد كل قواي لنشر المحبة الإنسانية.
أنتظرمن هذا القلب الصغير الكبيرأن يفرج عن خباياه ويضخ تلك المشاعر النقية المضمخة بعبير الياسمين والمانوليا والأركيد ويوصلها إيمانا ويقينا بشريان المحبة الأبدية..
أطمع وأطمح أن يزول الغمام ويطلع فجر جديد .. ببياض ناصع وبنور ناصح من عمق الليل متسللا من حشايا تصدعات الأنفس.. من فرجات شقوق احتراق الأحشاء..من وجع اختناق الشريان ..من دوامة اعتصارالحقيقة.
شجرة الأبجدية سئمت من مشاكلنا التافهة وعافت نتوءات ابتساماتنا الثلجية ..أدمينا أصولها ..عبثنا بجدورها..خيبنا آمالها.
سقطت أوراقها بلا خريف..فغفوت على ضفاف شفاه الشعر وأحضان الفكر..جهضت قصائدي الوجودية..وأغمي على حروفي الثكلى بساحات الورق..من قال بأنني بحالة التأمل سأكتفي..من قال بأنني بنوبة الجنون سأختفي..؟
سأظل حاملا على عاتقي ومع كل نفس صاعد من كياني..شعار المحبة الإنسانية انطلاقا من شجرة الأبجدية.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق