كأس وبتلات.. قصة بقلم/الأديب زين العابدين فتح الله

 

زين العابدين

إليكم الجزء الاول من قصتي


                  " كأس وبتلات "


تتعرض الكثير من الفتيات اللائي على قدر كبير من الجمال ،الوقورات، إلى تجاهل كبير و عدم اللحاق بقطار الزواج في زمن يعج بثقل الأحمال على كاهل الشباب في سن الزواج  في خضم الحياة الصعبة. حتى صارت العنوسة مشكلة تتفاقم عاما بعد عام. لقد عزف كثير من الشباب عن الزواج بسبب صعوبة الحياة و ارتفاع تكاليف الزواج. وأصبح أمرا يثير الدهشة للمراقبين. لقد  أصبح الأمر جد خطير لأن تصبح هذه الظاهرة القاعدة ويصبح الزواج استثناء. ولم يقدم  ولات الأمور حلولا للحد من هذه المشكلة. و في هذا السياق نذكر أنه في عصر الخليفة "عمر بن عبدالعزيز" رضي الله عنه أنه عندما شكى له الولاة أنهم لم يجدوا فقيرا ليعطوه الزكاة قال سددوا بها دين كل مدين وغارم. وفي العام التالي طلب منهم أن يزوجوا بتلك الأموال الشباب. لقد فقدت تلك الروح وأصبح الشباب يعانون البطالة وانعدام الدخل و من ثم الإعراض عن الزواج. ومن المثير في الأمر أن كثيرا من الآنسات اللائي بدأن يشعرن بخطر العنوسة و فوات قطار الزواج أنهن يفضلن الزواج من رجل مسن يضمن لهن الحد المعقول من المعيشة الكريمة!

تبدأ القصة عندما بعثت بعض الدارسات  للحصول علي الدراسات العليا و الدكتوراه  في إحدى جامعات مصر المرموقة وكانت تضم ثلة من الأساتذة المشهورين عربيا ودوليا .. و كان الدارسون من الجنسين ومن اكثر من قطر عربي. كانت المحاضرات في قاعات مزودة باجهزة حديثة و وسائل التربية الحديثة. 

كان من بين المبعوثات خمسة من الدارسات للغة العربية وآدابها  تحت إشراف الدكتور "عمر حماد " رجل في منتصف الخمسينات،. انيق المظهر وسيم المحيا وقور الكلم دمث الخلق جذاب الطلعة.

كان دكتور "عمر حماد" أرمل يعيش وحيدا بعد أن توفيت زوجته و تزوج أبنائه "أحمد" و "عاصم" وابنته " أمل " . سافر كلا من"أحمد" و "عاصم " للعمل بالخارج وسافرت " أمل " مع زوجها الذي يعمل طبيبا في إحدى البلاد العربية أيضا!

و بعد الانتهاء من محاضراته يعود الدكتور "عمر حماد "لمنزله ويتناول غداءه و يؤدي فرائض الصلاة و يخلد إلى الراحة قليلا. ثم يتابع ما يكتبه من أدب وأشعار وقصص وروايات فقد كان كاتبا من أشهر كتاب مصر. يكتب وينشر ويحاضر ويتواصل مع معجبيه والمهتمين بالأدب.

كانت  مجموعتة من المبعوثات للدراسات العليا  خمسة مبعوثات عربيات من خمس دول عربية في منتصف العمر وكلهن غاية في الجمال والوقار. كن لا يتفرقن على مدار اليوم سواء في قاعات المحاضرات أو في المدينة الجامعية بسكن المبعوثات. "إسراء " و "فاطمة " و" خلود " و "سلمى " و "جميلة" كن من الدارسات المجتهدات اللائي يرغبن في الحصول على أعلى الدرجات ليعدن إلى بلادهن بشهادة الدكتوراه والتدريس بجامعات بلادهن.

بعد التعارف على أستاذهن ، دكتور "عمر حماد"  و من الذين حازوا على اهتمامهن و خاصة أنهن من هواة الأدب والشعر. ومن ثم كن يتابعن ماينشره من دواوين للشعر والمقالات والقصص والروايات على صفحات التواصل الاجتماعي و كذا كتبه الشيقة و المتنوعة بمكتبة الجامعة. كن من أشد المعجبات له. وما شد انتباههن أن الرجل لايهتم إلا بعلمه وعمله و أعماله الأدبية . و لم يفكر قط في الزواج ثانية. 

فالرجل قانع بما قدر له و يسعد كثيرا بأن يرى أبناءه يسلكون حياة كريمة وسعيدة. و يسعد أيضا بكتاباته و بالتوصل مع أصدقائه. لم يدر بخلده أن الخمسة مبعوثات يعجبن به. و حين كن يجتمعن يتحدثن عن وجاهة و وسامة دكتور  "عمر حماد " كان يبدأ في كتاباته ليلا وأثناء سهره تبدأ كل من الخمسة في التواصل معه حينما تنصرف كل منهن إلى حجرتها الخاصة .

تبدا بالحديث عن الدراسة معه ثم تشيد بمنشوراته و لايخلو التواصل من الثناء و الإشادة بما ينشره خاصة قصائده الرومانسية و التي تخلو من الغزل الفج او التمادي في وصف الجسد.. تتعرف "إسراء" عليه و تعرفه بنفسها فتاة في منتصف العقد الرابع من العمر. عزباء غير متزوجة من "المغرب" رغم أنها في غاية الجمال و الأدب. تعرف حالته الاجتماعية أستاذ جامعي في الخامسة والخمسين من العمر. ارمل. يبدأ اهتمامه بإسراء ولكن كأستاذ وطالبة. لكن "إسراء" كانت دائما ماتلفت انتباهه على أنه أنيق و وسيم و لطيف في حديثه لتنجذب إليه أي فتاة بل و تتمناه ليكون زوجا لها. يبادرها بأنه قد استأنس الوحدة و العيش في عزلة ووحدة و قد أنجز فيها أروع أعماله الأدبية!

تتغزل فيه اسراء فتقول:

أستاذي الوسيم كم أنت جميل خلقة وخلقا أنت لا تلتفت لما حباك الله من وجهه كالقمر و ما أرق واجمل أسلوبك في حديثك الذي لا أشبع منه ابدا ولا أمله مثل كتاباتك الرائعة!

ارجوك أن تعتني بنفسك و صحتك فانت لست كأي أحد عرفته من قبل أنت لك سمت فريد وجاذبية لا تقاوم! 

كم كنت ومازلت أتمنى أن أتزوج رجلاً مثلك!

لم يصدق دكتور "عمر حماد " ما يسمعه فيضحك مداعبا إسراء:

اراك من أجمل الفتيات و على قدر كبير من الجمال والوقار. فكيف لم تتزوجي إلى الآن ؟  أعميت أبصار الشباب في بلدك؟!

والله انت قمر يمشي على الأرض! وما يثير إعجابي فيك لهجتك العربية الخفيفة الشيقة. فأنا أحب هذه اللهجات العربيه. أرى أن ثغرك يقطر شهدا بحلو كلام لم أعهده من قبل. و الله . كم أنت جميلة وراقية ورقيقة! تخطين بتؤدة و استحياء وثقة بالنفس! يتلألأ وجهك كالبدر. و العيون كعيون المها بظلال و ألوان كالبحر وظلال الليل! 

"إسراء" الناظر لراحتيك و البنان يرى لؤلؤا و درا 

أنت مستقبلك سيكون مبشرا بالخير. 


انتظروا الجزء الثاني قريبا 

الأديب الشاعر سفير د/ زين العابدين فتح الله 

.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شظايا الغياب...بقلمالشاعر محمد أكرجوط

 -شظايا الغياب- موجع غيابك حجب عني الإرتواء ولا قطرة تسد رمقي ولا نظرة تكفكف دمعي لتوقظني من غفوتي المشرعة على بياض القصيد  بلبلة حروفي  صدى...