النزعة الإيديولوجيّة في الكتابة:
إن لكلّ أديبٍ، وكلّ مفكّر، وكلّ مُنظّر، وكلّ فيلسوفٍ نزعةً إيديولوجية ، هي هويّة ، هي عقيدة ، هي اتّجاه ، أو نزعة ، وأخيراً هي حرب خارج المعركة، ذلك لأنّ هذا الانتماء لا يسلم منه إلاّ كبار النّقّاد ، والمؤرّخين حيث تُملي عليهم مهنية هذا التخصّص التجرّد من كلّ نزعة ، ومع ذلك لا يسلمنّ أحدٌ من هؤلاء من هذه الشائبة ولو بسمّ الخياط حتّى الكبار منهم ، ولا يمحّص هذه الشائبة ، ويستبينها إلاّ كبار نقد النقد، أمّا الكبار منهم نقّادا كانوا، أو مؤرّخين والذين يعملون من أجل توظيف هذه الإيديولوجية لغاية ، فبتمكّنهم من هذه المادّة العلمية التي ملكوها يستطيعون أن يشوّهوا أفكارا ،وأن يوجّهوا مسارا عن قبلته إذا شاءوا ، وإلاّ من أين جاء الغزو الفكريّ؟ ، أليست فكرتك هي أقوى حجّةً وإلاّ لِمَ صدّقْتُها ؟ كيف يستطيع أن يقلّب الأبصار ، ويستولي على الأفكار من هو أدنى حجّة ، وبرهانا ؟ أليس هو ذلك الفيلسوف، والمؤرّخ المتمكّن ؟ ،حيث حرّف الفكر عن الأهداف ، والوجهة عن الأسلاف ، كيف يستطيع الاستشراق أن يخترق نسيج المجتمع إلاّ إذا كان باليا، أتلف تماسكَه الجهلُ ، و مزّق بناه المتعفّنة الخلاف ؟، وبالتالي لم تكن هناك مقاومة فكرية مساوية لتلك القوى ،حيث استطاع أن يحتويك ، فأنت حينئذٍ آلة لا تملك إلاّ صورتَها في يدِ صانعٍ يستثمرها في العمل الذي خُصّت به وظيفتها .....
يكتسب الإنسان قيماً هي في الحقيقة تمثّل هويّته ، أو قل شخصيته ، من دينٍ ، ولغة ٍ ، و ثقافةٍ ، أو أثر لجغرافيا ما ، أو موروث مكتسب، وغير مكتسب ، ولكن من الذي يحمي هذه القيم باعتبارها مكسبا اجتماعيا ؟ ، إنّك تعيش حربا مع نفسك حين تحميها بحماية هويّتك من كلّ دخيل مضرّ لشخصيتك وبالتالي حماية مجتمعك إذ هو كذلك ، إنّك تعيش حربا لأمن غذائك ، أو اقتصاد بلادك إذ هو سلاحٌ فاتك ، إنّك تعيش حربا حين تذود عن دينك إذ هو كيانك الروحي ، وسلاح وجودك ، وسكنى آخرتك ، إنّك تعيش حربا حين تدافع عن ثقافتك ولغتك حين تفهم لباس مفرداتها ، وتركيباتها ، وزخرف دلالاتها ، ومعانيها ممّا هو دخيل عنها حيث هو جديد اللباس، أصيل الفراش ... .
.يؤسف لكثيرٍ من كتّابٍ ، وجامعيين ، وأكاديميين حيث يتهافتون ، ويتبارون برماحٍ مصطلحات غربية مترجمة إلى لغتنا العربية التي لم يُحصِ جمالَ مكنوناتها كبارُ العلماء القدامى ، فلم يكن لبعض كتّابنا تلك النزعة التي امتازت بالغيرة لبعض علمائنا من أمثال الدكتور الحاج عبد الرحمن صالح رحمه الله ، و نشتمّ من بعض كتابات هؤلاء ، وفي محاضراتهم إبرازا لذواتهم لا لأهداف الذود وغيرة لغتهم ........
أحمد بلول المسعديّ / الجلفة ./ الجزائر

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق