قُلتُ أنا المُهلهل
من البحر البسيط
قصيدة
بعنوان
آراءٌ وإرواء
يا رُبَّ لاقحةٍ من ثغْرِ مُغْتَضِبِ
قد جُحنَ جوحَ غصونٍ بِلنَ من تَعَبٍ
خمرٌ أصابَ شفاهاً هجنَ في لَعَجٍ
من الحقولِ ومن بغدادَ من عِنَبِ
وقد سَكِرتُ بآهاتٍ بها عَلِقَت
على الظّواهرِ في الآباطِ والكَثَبِ
ظُهْراً وصلنَ بلا ماءٍ و لا كلئٍ
وفي العيونِ ذبولٌ شاخَ كالسُّحُبِ
والرِّدفُ أعجرَ مصلوبٌ به زَفَرٌ
من القحاطِ أماطَ الجَلْبَ في جَلَبِ
وقد تتربَسَ مثلَ البابِ مُنزعجِاً
عن التَّلَيُّفِ في ماءٍ وفي ذهبِ
يشكو الخناقَ بثوبٍ سدَّ منفذهُ
عن الهواءِ ومرسالِ من الشَّغبِ
قد قُلتُ أظهري عُرياً كان مُمتنِعاً
بلا حواجزَ إنْ لاقيتني أجِبِيِ
العيدُ يُقبلُ في عامٍ وقد لَعِبَتْ
وِلْدٌ بأسهمَ هل لاعبتِ في لَهَبِ
ماذا أقولُ إذا الإسلامُ في ألمِ
وذو الشَّريعةِ في بيعٍ لِتِي الكُتُبِ
أيّامَ أحمدَ لم تسكنْ لنا دِيَمٌ
عن الهطولِ ولا نبتٌ عن الخِصَبِ
أيَّامَ أحمدَ كان الدِّينُ مُرتحِلاً
من الحجازِ إلى الأُردُنَّ لم يَغِبِ
وما الصّحابةُ في لمزٍ ولا هَمَزٍ
وما نساءُ رجالِ اللهِ في نُقُبِ
وقد تنطّعَ قومٌ حينما لبسوا
كلَّ النِّساءِ براقعياً من الغِرَبِ
ماذا أقولُ لقومٍ ما رَعَوْا أَدَبَاً
والدِّينُ بات سراديباً بلا أَدَبِ
في الصَّومِ قُبْلَةُ تلك الفاهِ ناجيةٌ
من العقاب فلا غسلٌ لِتِي العَقِبِ
أَنَّبْتُ نفسيَ يوماً حين عارضها
ذاكَ الخاطبُ ألَا يا نفسُ لا تَتُبِ
وكيف أفهمُ أنَّ التَّوبَ مغفرةٌ
والقلبُ فيه جلالُ اللهِ لم يَغِبِ
فما عسانِيَ إنْ خاصمتها فَجَرَت
من العيونِ سواقٍ سُحنَ في سُّهُبِ
ويا بُثينةُ قد أرخصتني عَجَبَاً
عجباً لمثلكِ يمشي اليومَ كالقَحِبِ
فإن قرأتِ خطابَ العبدِ فاشهدهِ
وما النَّفيسُ يُباعُ اليومَ بالحَطَبِ
أنا المُهلهِلُ لم أصعد إلى جَبَلٍ
إلَّا وجسميَ للرَّحمنِ في طَلَبِ
إنْ قُلتُ قَوْلِيَ في نهدٍ وفي فخذٍ
فذي حجارةُ هذي الأرضِ كاليببِ
وما المريضُ مريضُ الدّين بل عللٌ
من التّفاهةِ في عقلٍ كما الدِّبَبِ
وإنْ لَثمتُ خدوداً كُنتُ أصنعها
فذي صنائعي أوراقاً بلا عُشُبِ
ومن يُخاصمُ في قولٍ بلا عملٍ
كمن يُغاببُ لحمَ الدّاخلِ الغَبِبِ
فيا بُثينةُ لا ترمِينَنِي حجراً
أنا الضَّريبُ وأنتِ الصّرخُ من صُلُبِي
رقَّاً بجسمكِ لم يصمد لِلافِحةِ
إلَّا وعَرقَقَ في التَّهميمِ كالهُبَبِ
تمشي اليدانِ كما الرِّجلانِ سارحةً
على المراحِ أيا بُثناهُ فاستجبي
فإن نظرتِ بعينِ الحقِّ فاستمعي
إنَّ الكحولَ تُطيلُ المكثَ في الهُدُبِ
هنا الملاحمُ أقداحٌ وقد نَفَضَت
مع الغرامِ شراباً غابَ في الشُّرُبِ
تمضي الجمارُ لريحٍ وهي تقتلها
والنَّفسُ تُقتَلُ من ظلمٍ فيا عجبي
والبيتُ دون رُعاةٍ مثلَ ساريةٍ
كذا النُّفوسُ بغيرِ الدِّينِ كالخِرَبِ
انتهى
بقلمي
تمام طاهر سلوم الخزاعي