ترنيمة العمر
بوجه مترهّل شاحب
وقفت أمام المرآة
انطفأ بريق عينيها
واستدارت بالهالات
امتدّت أناملها إلى رأسها
تفحّصت بعمق بعض الشّعرات
الّتي تمرّدت دون خجل
مسبّبة بعض الاضطرابات
ضاربة على ناقوس الخطر
من دون مقدّمات
لم تعد وصفات العطّار تغنيها
ولا حتّى المخضّبات
أخرجت زفيرا كفحيح الأفاعي
لاعنة الأيّام دون اكتراث
والحمق أعماها من كلّ الجهات
ترنّحت واضعة يديها على ركبتيها
وارتاحت مع ترديد الآهات
استعادت وضعيتها قائلة:
ماذا بقي من عمري غير السّقم
وزيارة الطّبيب والعيادات
حتى الحدائق والملاهي مللتها
من كثرة الأولاد والمشاحنات
بقي البحر يريحني فأفرغ ما بداخلي
وأبكي مع النّوارس الناعقات
وأرسم طلاسما على رماله
وأحاكي الصّغار من البنات
وأقبل على الرّمال المبلّلة
وأبني قلاعا والأهرامات
فتهدأ روحي ويلين قلبي
وأتذكّر الطّفولة والبسمات
نلعب لعبة العرسان
ونتجمّل كالعروسات
ونحاكي مرّة أخرى
دور الأمّ ونطبخ الأكلات
ونغنّي ونزغرد ونحتفل
ونرقص مع الأغنيات
نسابق الأطفال تارة
ونركب معهم الدّرّاجات
والزّقاق يعجّ بالضّجيج
حتى يؤذّن للصّلاة
عندها ندخل بيوتنا
ونحن بالأجواء فرحات
نهدأ مع برامجنا
ونردد معها الأنشودات
ثمّ نميل للمراجعة
وإنجاز كلّ الواجبات
ويبقى دور الجدّة
لننعس مع الحكايات
هاقد مرّ قطار عمرنا
ولن نشعر بالمحطّات
همست مع نفسها..
استدارت نحو الشّرفة
تفقّدت أصص الزّهرات
نسمات من البحر تلاعبت
حينها بشعرها والخصلات
امتدّ نظرها بعيدا نحو الشّفق
فازدادت بهجة وثبات
هاهي الشّمس تغازل البحر
في منظر أبهر الكائنات
مودّعة..باسطة حنانها
على موعد يوم آت..
أخرجت تنهيدة متقطّعه
وباركت ماشاهدته من الّلوحات
أغلقت الباب ودلفت داخلة
وجلست عند مكتبها
أخرجت قلما لتكتب مذكّرات
لتترك أثرا جميلا لأجيال
تقرأ ماجادت به العبارات
لتجارب حلوة ومرّة
وتوسمها بطابع الحياة
د.الأديب عبد الستار عمورة الجزائر
27/01/2023

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق