رسالة النبي(ص) لهرقل..بقلم الأديب/د. حسين نصرالدين

 أضواءٌعلى خطبة الجمعة :

خطبةالجمعة اليوم الموافق الخَامِسُ والعَشْرُون َمن نوفمبربمسجد جماعة دعوة الحقِ الإسلامية برأس البر:اعتلى المنبرالشيْخُ مرزوق أبوعوض ، باركَ الله فيه،وعنوان الخطبة(رسَالةُ النبي صلى الله عليه وسلم لهرقل عظيم الروم، وبِمَ أمرَهُ.؟)

مُقدمة:قال الله{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُون}102من سورة آلِ عمران .

رسالتُه صلى الله عليه وسلم برقة ٍ وبحزم ٍ(يا هرقل افعل ْ ما آمرُكَ بهِ) .

كَتَبَ رسولُنا الكريم صلى الله عليه وسلم كتابَه إلى هرقل وكان هرقل في ذلك الوقت يحكم بر الشام كله كان يسكن ببيت المقدس كتب إليه كتابا قال فيه كما روى عنه سُفيان بن حرب رضي َ الله عنه وأرضاهُ:(من محمد عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم سلام على من اتبع الهدى أسلمْ تسلمْ) ، فلمْ يُبالِ به بل أمره بالإسلام وبما أمرَ الله به،فكَتَبَ إلىه بعدَ البَسمَلةِ (مِن محمّدٍ عَبدِ اللهِ ورَسُولِه إلى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ سَلامٌ علَى مَنِ اتّبَعَ الهُدَى،أمّا بَعدُ فَإنّي أَدعُوكَ بدِعايةِ الإسلام ،أَسلِم تَسْلَم وإلا فإنّ عَليكَ إثمَ الأَرِيْسِيِّينَ) أي أتباعه،فعرض على أتباعه أن يسلموا فلم يقبلوا فقال إنما أردت أن أرى ثباتكم على دينكم وقد رضيت عنكم ومات كافراً. فأَبى،بامتِناعِه منَ الإسلامِ صَارَ يحمِلُ وِزرَه ووِزرَالرّعيّةِ،ورَعِيّتُه أيضًا يحمِلُونَ ذُنوبَهم،لكنْ هوَ يحمِلُ ذَنبهُ وذنبَ رَعيّتِه لأجلِ أنّهُ تَسبّبَ لعَدمِ إسلامِهم،لأنّه لو أَسلَم لأسلَمُوا .

كما أرسلَ رسُولُنا الكريم صلواتُ الله وسلامه عليه إلى كسرى ملك الروم الذي مزَّقَ الرسالة فدعا عليه بأنْ يُمزَّقَ الله ملكَه،فصارَالمسلمون يحكمون بلادَه،وإلى ملكِ الحبشة ِالذي أرسلَ مكانيباً إلى أربعة عشرَ من أتباعه ومنه من أسلمَ ومنهم من لمْ يسلم ْ .

فحوى كتَابِه إلى هرقل:كما روى سفيان بن حرب عنه صلى الله عليه وسلَّمَ،كماجاءَفي الصحيحيْن البُخارِي ومُسلم : من رئيس دولة صغيرة وجديدة هي دولة المدينة المُنورة وجيشُها يُقدرُ بثلاثة ِ آلافِ جنديٍ وعمرها بضعة سنواتٍ،وأسلحتُها جِدُ بسيطةٍ،والكتابُ مرسلٌ إلى دولة ٍعظيمة ٍ الامبراطورية الرومانية التي تُسيْطرُعلى نصف أوربا الشرقي وتركيا وبلاد الشام وجيوشُها تُقدرُ بالملايين،وأسلحتها جدُ مُتطورة،ويرجعُ تاريخُها في الأرضِ إلى ألف سنة ٍ،ولكنه الثبات على الحقِ وثقة رسولِنا الكريم في ربِه وصدقِ دعوتِه صلى الله عليه وسلم،قالَ له هذا بمنتهى البساطة والوضوح أسلمْ تسلم ْ، وكتبَ له آية ً عظيمة ًمن كتابِ الله عز وجلَ:(قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ)آل عمران 64

ونحن نرى الوضوح والقوة والعزة والحكمة في كل كلمة من كلمات الخطاب. وهويحتاج إلى وقت طويل حتى نحلله، وندرسه، ونستخرج منه الدروس التي في باطنه، ولكن هنا سوف نشير إلى بعض الدروس المهمة ، ومنها :

الثبات على العقيدة والاحتفاظ بعزةِ الإسلام(أسلم ْ تسلمْ) صيغة ليس فيها تردد،وتجمعُ بيْن الترغيب ِوالترهيبِ في كلماتٍ قليلة ٍ.

لمْ يُقلل ْ من قيمة الآخر.وهذا من عظمتِه وعظمةِ الإسلام ِ .

أتى بالآية المناسبة في هذا المُقام ِ،حتى يفتحَ عقولَهم للتفكير وقلوبَهم للإسلامِ .

رد هرقل على رسالة النبي : سألَ حامل الرسالة : عن الدين وعن الرسول : فكانتْ الإجابة :

ولأنَّ هرقل أخذ الأمرَ بجدية ٍ وجمع ولاتِه وكبراءِ قومهِ وكبار التُجارِومنهم أبا سفيان بن حربٍ وكان هرقل ينتظرهذا الرسول، وهذا الرجل الذي أرسل له الرسالةَ يذكر له في هذه الرسالة أنه نبي آخر الزمان،وهرقل آمَنَ بالفكرة،ولعله مُشتاقٌ لرُؤية ذلك النبي،وكان هرقل قبل هذه الأحداث قد سمع عن هذا النبي،مما قد يكون مهَّده نفسيًّا تمامًا لاستلام مثل هذه الرسالة العجيبة .

حوار بين أبي سفيان وهرقل : ورد في البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما،نقلاً عن أبي سفيان بعد إسلامه،أن هرقل سأل التجار أيكم أقرب نسبًا لهذا الرجل الذي يزعم أنه نبي،فقال أبو سفيان: (أنا أقربهم نسبًا إليه). فقال هرقل:(أدنوه مني، وقربوا أصحابه، فاجعلوهم عند ظهره)أي جعل أبا سفيان واقفًا ووراءه مجموعة من أصحابه، ثم قال لترجمانه: (قل لهم: إني سائلٌ هذا الرجل يعني أبا سفيان فإن كذبني فكذبوه).وأخذ يسألُ وأبو سفيان يُجيبه،وكان هذا الاستجواب وهرقل سيسأله أسئلة يحاول بها أن يتيقن من أمر هذه النبوة التي ظهرت في بلاد العرب،هل هي نبوة حقيقية أم كذب؟ وهذه الأسئلة عبارة عن استنباطات عقلية، وهي بناء على معلومات عن الأنبياء بصفة عامة،وعن هذا النبي بصفة خاصة كما جاء في التوراة والإنجيل.وكانت الإجابة :

أنه فينا ذو نسبٍ وشرف ٍ وأصلٍ ، وأنه لمْ يتفوه كذباً أبداً وأنه أمر بالصلاة والصدقِ والعفافِ والصلة ،وأولاً عبادة الله وحده لا شريك له ،فقال هرقل بعد أنْ استخلصَ نتيجته(فإن كان ما تقوله حق فسيملك موضع قدمي هاتيْن) فقدْ أيْقن هرقل من أول وهلة أن هذا الرجل رسول ٌحقًّا،وأن ملكه سيتسع حتى يأخذ بلاد الشام،وأنه يجب الاتباع له والانصياع الكامل لأمره،بل الرضوخ لقوله تمامًا،والتواضع الشديد لدرجة أن هرقل يتمنى أن لو غسل قدمي رسول الله .

ومع ذلك لمْ يُسلم ْبل ناصبَ المسلمين العداءَ وجيَّشَ لها الجيوش من مؤتة إلى تبوك واليرموك وإجنادين وإسبيطة،وهو يعلم في قرارةِ نفسِه أنه سيُهزم،وأنَّ النصرة للإسلام وتملك ربوع الدولة بل الأرض كلِها،فاعترفَ بالإسلام لكنه فضل الملكَ عليه،أما أبو سفيان فقدْ أسلمَ بعد فتحِ مكة َ .

يقول تعالى:{قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ}يونس: 108.

ثم تطرق الشيخ ُالكريمُ إلى معنى العبادة لله وحده لا شريك َ له،وأنواع الشرك،شركٌ أكبر ُ، وأصغرُ،وخفي،وإنَّ من الشركِ التبرك بالأضرحة وأصحاب القبور،والحلف بغير الله،والنذرلغير الله،وهذا أي الشرك موضوعٌ كبيرٌ يُكتبُ فيه الكثيرُمن الكتب،عافانا الله وإياكم منه.

أحسن الشيخُ وأجادَ،رفعَ للآذان العم الشيخ محمد الطناحي بارك الله فيه هو وابنه محمد وحفيده حسن،وإلى جمعةٍ قادمة ٍ بمشيئة ِ الله تعالى إنْ كانَ في العمرِ بقية ً .




هناك تعليق واحد:

شظايا الغياب...بقلمالشاعر محمد أكرجوط

 -شظايا الغياب- موجع غيابك حجب عني الإرتواء ولا قطرة تسد رمقي ولا نظرة تكفكف دمعي لتوقظني من غفوتي المشرعة على بياض القصيد  بلبلة حروفي  صدى...