أضواء على خطبة الجمعة..طلب الرزق.. بقلم الأديب والشاعر/د. حسين نصر الدين

 أضواء ٌ على خُطبة الجُمْعَةِ :

اعتلى المنبراليوم الجمعة المُوافق 27 من مايو 2022 الشيخ الكريم وليد الشامي ، بارك الله فيه بمسجدِ دعوة الحق الإسلامية برأس البرمحافظة دمياط وعنوان الخطبة (في رحابِ مسألة طلبِ الرزقِ).

مُقدمة ٌ :

إنَّ الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا من يهدي الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا اله إلا هو وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أما بعد : فإنَّ الله هو الرزَّاق ولا رازق غيره ، سبحانه وتعالى .

طلب الرزق ؛ لتتبيَّنَ الفرقَ الواضحَ بين طلب الرَّزاق وطلب الرِّزْق . جاء في سورة الملك قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ 15﴾

 فالله تعالى يدعونا في هذه الآية الكريمة إلى استخراج ما في الأرض من كنوز وخيرات، فهي مُذَلَّلَةٌ لذلك، ولكنَّه سبحانه قال: ﴿فامشوا﴾ ولم يقلْ فاسعوا؛ ليدرك المؤمنُ أنَّ همته في طلب مرضاة الرازق يجب أن تفوق همَّتَه في طلب الرزق، وأنَّ سعيه للرزق يجب أن يكون في حدود فعل المأمورات وترك المنهيات؛ حتى يسعدَ في الدنيا، ويُبعث يوم القيامة في عدادِ الأبرار، ولذا انتهتِ الآية بقوله تعالى: ﴿وَإِلَيْهِ النُّشُورُ﴾ لتشعرَ العبدَ الكسوبَ أنه مسئولٌ يوم القيامة عن كلِّ ما يجني من رزق: «من أين اكتسبه وأين أنفقه» فيكون طلبه للرزق في إطار وحدود مرضاته للرَّازق، وهذا ما عناه الرسول صلى الله عليه وسلم حين قال: «إنَّ روحَ القُدُس نفثَ في روعي: أنَّ نَفْساً لن تموتَ حتى تستكملَ رزقها وأجلها، فاتَّقوا اللهَ، وأَجْمِلُوا في الطَّلب، ولا يحملنكم استبطاءُ الرِّزق على أن تطلبوه في معصيته، فإنَّ ما عند الله تعالى لا يُنالُ إلَّا بطاعته» عند مَن قدَّر التَّبِعة والجزاء .فأكثر ما يشغل بال أغلب البشر في كل زمان ومكان هي قضية الرزق؛ فالكل يقلق بشأن رزقه، ويخاف الفقر والجوع والحاجة، وإن جميع من يختلسون ويسرقون ويرتشون ويأكلون مال الأيتام ويمنعون الوارث من ميراثه إنما يفعلون ذلك طمعًا وحرصًا وخوفًا على الأرزاق ، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين قال: "أيها الناس اتقوا الله وأجملوا في الطلب، فإن نفسًا لن تموت حتى تستوفي رزقها وإن أبطأ عنها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، خذوا ما حل، ودعوا ما حرم"(رواه ابن ماجه، وصححه الألباني)، وعند ابن حبان: "لا تستبطئوا الرزق، فإنه لم يكن عبد ليموت حتى يبلغ آخر رزق هو له، فأجملوا في الطلب؛ أخذ الحلال وترك الحرام".

ومهما سعى الإنسان في طلب رزقه من الحلال ومن الحرام، ومهما جد واجتهد وحاول وتعب وكافح وثابر... فإنه لن يحصل من الرزق إلا بالمقدار الذي قد كتبه الله -تعالى- له، لا أقل ولا أكثر مثقال ذرة. ولو أدرك الإنسان أن الله -عز وجل- قد فرض له رزقه وهو ما يزال جنينًا في بطن أمه، بجميع تفاصيله ودقائقه، لارتاح قلبه وخمد قلقه وذهب عناؤه، ولما جاوز الحلال إلى الحرام، فعن عبد الله بن مسعود أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يومًا، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث الله إليه ملكًا بأربع كلمات، فيكتب عمله، وأجله، ورزقه، وشقي أو سعيد، ثم ينفخ فيه الروح"(متفق عليه). وقال عز َّ وجلَّ: (وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ * فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ)[الذاريات: 22-23]، وموعوده: (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ)[هود: 6]، وموعوده: (وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ)[العنكبوت: 60]، فرزقك -يا ابن آدم- مكتوب محدد مقدَّر، يبحث عنك ويطلبك حتى يدركك ولو منه اختبأت... ففيما القلق وفيما التنازع وفيما الكد فوق الطاقة .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شظايا الغياب...بقلمالشاعر محمد أكرجوط

 -شظايا الغياب- موجع غيابك حجب عني الإرتواء ولا قطرة تسد رمقي ولا نظرة تكفكف دمعي لتوقظني من غفوتي المشرعة على بياض القصيد  بلبلة حروفي  صدى...