الإسم والقلم شهادة الله على الأرض....بقلم الباحث محمد عبدالكريم الدليمي


 الإسم والقلم شهادة الله على الأرض : 


قال تعالى : ( وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين )٨٦-٨٧، الأنبياء ؛ قال تعالى ( ن والقلم وما يسطرون ) ١ القلم ؛ وهذا الترابط ما بين صاحب النون والنون والقلم وما يسطرون فكان التأويل في هذه الآية الكريمة؛ هو رجوع النون والقلم لصاحبه وهو يونس عليه السلام؛ ونفهم حقيقة ذلك مما تركه النبي العالم والكاتب العظيم مما أوحاه سبحانه إليه من تعاليم جليلة لبناء الإنسان سليم السلوكيات عظيم الثقافة، لحضارة منشأها على تلك التعاليم الجليلة . قال تعالى ( فلولا  كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين ) ٩٨ يونس ؛ لو سأل الإنسان نفسه كيف آمنوا بعد رحيل النبي يونس ؟ الأجابة : في الكتب التي تركها لهم بعد ذهابه مغاضبا لهم. 

الأساتيذ المحترمين أخوتي الباحثين ، لابد من طريق يكشف لنا أسرار القرآن الكريم التي يخبأها سبحانه لكل حين من الدهر لتؤتي أكلها ، فكان اليوم موضع بحثنا في قضية القلم وما يسطرون الباحثين من نعم الحديث وفضل العلم ، وما كان دون ذلك من هرطقات المتفيهقين، القرآن الكريم يعبر عن كل حقبة بما هو يستحقها من معلومات وعلامات لتلك الفترات من الزمان ، ويجلي تلك الحقائق من خلال آياته البينات ، فنجد قصة النبي يونس عليه السلام ، تجلت لمفاهيم عبقرية ومعلومات مذهلة تفهمنا قيمة القلم ومعلوماته القيمة من العلم والمعرفة والثقافة الحضارية ؛ كلنا نفخر بحضاراتنا والعلوم التي كانوا يمتلكونها والثقافات التي كانوا يدرسونها ؛ ولكن أي منا كان يسأل نفسه عن تلك العلوم العبقرية وعن تلك الثقافات الجليلة ؟ من أين جاءت وكيف اتخذ الإنسان إليها سبيلا ؟ الجواب عن هذا السؤال في قصة يونس عليه السلام قال تعالى : ( واسماعيل واليسع ويونس ولوطا وكلا فضلنا على العالمين ومن آبائهم وذرياتهم وإخوانهم واجتبيناهم وهديناهم إلى صراط مستقيم ) ٨٥- ٨٦ ، الأنعام ؛ إنه كان عالما مثقفا مربيا عظيما نشأ ليعلم الناس كيف تكون لهم حضارة وكيف تكسوها الثقافة . ظهرت في تلك الحقب من الزمان الكثير من الحضارات في العراق بدءا من سومر ،والوركاء ، وبابل ، واكد، وأشور ،وحضر ،واشنونا، وكل تلك الحضارات لها نبي من الله مؤسسها وبانيها ، وهنا وقفة لحضارة داود عليه السلام قال تعالى ( وعلمناه صنعة لبوس لكم لتحصنكم من بأسكم فهل أنتم شاكرون ) ٨٠ الأنبياء ؛ وهذا لا يشمل العراق دون سواه من دول الوطن العربي وحضاراته بل كل حضارة اسست على أرض العرب مؤسسها نبي من الله سبحانه؛ قد يظن المتلقي إن هذا الكلام عاري عن الصحة فإن الحضارات بنيت من الإنسان حصرا ولا شأن للنبي ببناء الحضارة !؟ وأجيب عن التساؤل لو نظرنا إلى الرقي والعلم والثقافة فلا يمكن تجاهل ذلك كله لنقول الإنسان من أسس كل تلك العظمة التي لا يقوى عليها ، لأن الحضارة أبتداءا من اللغة إلى العلوم إلى الثقافة إلى السلوكيات ، لا يستطيع الإنسان على ايجادها بل لا يقوى على ابتكارها ، لأنها أمور مستوية رفيعة المنهج وهذه تحتاج إلى التصالح مع النفس والأمان ؛ والإنسان لا يقوى على الإصلاح بل هو أفة مدمرة لكل جميل ، ولولا عطف الله ورحمته لضاع الإنسان بين طيات التاريخ . 

بناء الحضارت ليس بناء مدن وإنما بناء إنسان بكامل قواه العقلية والجسمية،  وهنا وقفة ستصدم الجميع من الدولة الحديثة في العالم استطاعت أن تبني حضارة بنفسها إذ لم تكن مبنية على دولة أخرى أو على ظلم عظيم ، أي دولة تباهت بعلومها وتطورها الذي سرقته من حضاراتنا العربية وبذلك هي لا تستطيع أن تبني إنسانا ولا تستطيع أن تجعل لنفسها ثقافة راقية لأنها دول بنيت على الظلم فأي حضارة تتكلم عنها تلك الدول وأي تطور ! لا يقوى على بناء مجتمع ذو أخلاق ودين ؟، وأي مجتمع نتحدث عنه ؟ فما أن مر بأزمة تحول إلى مجتمع وحشي فاقد لمظاهر التطور والثقافة الخالية !. وسبحانه يقول هذا صنعي من قبل آلاف السنين وأنتم تنظرون إليه متعجبين مبهورين ، صنعه الإنسان بأوامري وتعاليمي فما أنتم فاعلين بتطوركم وثقافتكم الخالية من كل تعاليم السماء !؟ فليحدث الإنسان نفسه بعد القراءة ؛ والله من وراء القصد .


الباحث محمد عبد الكريم الدليمي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شظايا الغياب...بقلمالشاعر محمد أكرجوط

 -شظايا الغياب- موجع غيابك حجب عني الإرتواء ولا قطرة تسد رمقي ولا نظرة تكفكف دمعي لتوقظني من غفوتي المشرعة على بياض القصيد  بلبلة حروفي  صدى...