واية سبع الليالي(الجزء الثاني)....بقلم الكاتب ناجي عبد السلام السمباطي


 رواية سبع الليالى/ الجزء الثانى/ المكتوب عام 1987 الحلقة الرابعة والعشرون

بقلم:

**تقدير فخرى :ش .ف / ناجى عبدالسلام السنباطي

*******************************************

**محنة الرجل ومحنة الوطن ومدى صلابة كل منهما:

*******************************************************

**قوة الرجل في مواجهة المحن وقوة المجتمع في مواجهة المحن:

*****************************************

*، **كان الرجل رغم ذلك ، قويا صلبا فيما واجهــه من مشاكل وأزمات ، فيما عدا داء الخمر ، وكان في صباحه يذهب لمباشرة بعض الأعمال مع مكاتب الاستيراد والتصدير ثم يعود بكل الخير له ولأسرته وحصل أولاده علي الثانوية العامة ، والتحقا بالجماعة بكلية التجارة وكلية الحقوق ولكنهما التفتا إلي مساعدة والدهما خاصة جدير ، والتحقا وائل أيضا بكلية التجارة وحضر ليقدم أوراقه ، بالجامعة وكان الرجل كما هو كريما تعود هذا ولم ينس قط حتى وهو في محنته الجديدة ، فمكان يقيم عيد ميلاده ، ويدعو الأولاد والأحفاد وكان عيد الميلاد مصادفة ، في وجود وائل ولكنه حضر وهو لا يريد أن يأكل من الخروف ، الذي اشتراه عرفان وقد جمع له المال جمعا ليحتفظ بعادته القديمة ، ولكن وائل لم يرد أن يأكل من الخروف ، لأن عرفان هو الذي ذبحه ، وهو الذي سلقه ولم يشويه ، وقدمه كما هو بحجمه الطبيعي علي المائدة ووضع عليه كمية كبيرة من الشطة وكافة التوابل ولكن وائل لم يستطع أن يضع قطعة واحدة في فمه ، ولكنه أظهر أمامه أنه يأكل ولو أكل لتقيء كل ما في بطنه وكان قد أكل قبل أن يعود من تنقلاته خارج المنزل.

وكان الرجل كريما دائما مع أولاد أخته أو أولاد أخيه أو أقارب زوجته ذلك الجيل الجديد الذي كبر .. وكانوا يعرفون أن أصعب شيء في حياة الإنسان أن يكون بطبعه كريما ولا يملك أن يغير طبعه الكريم ، رغم قلة ذات اليد فكانوا يدخلوا الشقة ، وكانوا يأكلون بالخارج ، ويجيئ علي غير ميعاد فيراهم ، فيقول أحضروا قطعة من الخروف ، من الثلاجة ولم يكن هناك خروفا ولا يحزنون ، و يقول أو في الحال يا بنت أنت وهي وهي ( اشووا جوزين حمام ) ويحلف الضيوف بأغلظ الأيمان أنهم أكلوا وهو لا ينتهي ولا يقف ولا يجلس ، حتى تأكل شيئا من الموجود بالمنزل ، وهكذا هو وهكذا خلق.

ومرت السنوات وهو علي هذا الحال ، ولكن مرورها كان أسرع وثبا من السنين السابقة ، كانت السنوات تطوي بعضها البعض ، بسرعة صاروخية ، وكانت مصر قد أخذت تلملم جراحها في سرعة عجيبة ايضا ، و الرجل ما زال هو الرجل يكافح ويكابد وقد خف الحمل عنه قليلا ، ولكنه ما تلبث أن تحضر احدي بناته وبصحبة زوجها وأولادها ، فيضع ما إدخـره للأيام القادمة من معاش ومن عمل بمكتب الاستيراد والتصدير

*** لم يكن يدخر ليومه ولا لغده ، وقد كسب الكثير وضيع الكثير في كرمه وفي حبه أيضا للوجاهة حينما يعطي جنيها لمن يقول له يا بك في وقت من التاريخ القديم ، كان للجنيه قيمة ووزنا كبيرا وها هو الآن يفقد كل شيء إلا القليل والقليل وها هو عام آخر من الحزن يأتي أو قل أنه الشرخ الذي بـدأ في عام 1967 ظاهرا وإن كان باطنا منذ زمن طويل ، قد انعكس في صلب الرجال ، فشرخها كما شرخ بنيان المجتمع ..شرخ الصلابة ، وأخذت تتهادى تدريجيا ، وهي تقاوم باستماته ، حتى فقدت آخـر ورقة من أوراق الحياة في التشبث بها والعض بالنواجذ عليها ، ذلك يوم كان سبتمبر 1970 حينما مات الزعيم عبد الناصر ، متأثرا ببداية الانهيار في 1967 ، لقد ظل طوال السنوات الممتدة ، من هذه إلي تلك يحتضر وكم هو صعب ، أن يمتد الاحتضار لعدة سنــوات ، وكان عرفان هو الآخر في حالة من الجمود وقل أنه الحـد الأدنى للحياة

************************************

*** وجاء أنور السادات ليحمل الراية من بعد الزعيم عبد الناصر ونظر الناس إليه بمنظار وجوده في عهد عبد الناصر ، ولم يدروا أن عبد الناصر كان قد حجب بحجمه الكفاءات الكثيرة ، ولم يبق إلا هـو فلما مات عبد الناصر ، نظر الناس إلي السادات بموقعه في عهد عبد الناصر ، وجوبه بالكثير من المواجهات والمشاكل من جانب الفرق المتناحرة علي الحكم وعلي وراثة عبد الناصر واشتد العنف ضده في الجامعات وفي المواقع العامة ، ومن رفاقه في الحكم لقد نظروا إليه ، بنظرة أنهم كانوا في مكان واحـد وقد يكون هو متأخرا عنهم ، وها هو الآن يشد الخطوات نحو الكرسي ثم يجلس عليه ، وكان سخطهم ظاهرا ، واضحا منعكسا فرجالاتهم في كل مكان وكانوا قد أعـدوا لمثل هذا منذ وقعت حرب 1967 بينما مجابهة عبد الناصر كانت أضعف من كل هذه المجابهات للسادات ، لأن ناصر لم يترك لهم الفرصة لذلك ولكنه لم يستطع ذلك ، بعد هزيمته في 1967 فكانت مظاهرات 1968 و 1969 وكان سببها أحكام قادة حرب 1967 في الطيران المتصور انها لا تناسب حجم الهزيمة ، ولكن المتأمل يرى أنها انعكاسا طبيعيا بعد صدمة 1967 ولم يظهر في 1967 شيء من هذا عقب الهزيمة بل العكس هو الذي ظهر وهو التأييد والصمود لأن الشعب لم يفق من ضربة الرأس إلا بعد مدة حينئذ فكر وقد بدأت الأمور تبعد قليلا ، والوقت بدأ يظهر حجم المأساة ، فكانت مظاهراته في 68 و 69 ولو لم يكن هناك محاكمات لقادة الجيش ، لقامت المظاهرات أيضا لأي سبب لأنها كانت محاولة للتنفيس ، عن نتائج الحرب ولا تظهر هذه مباشرة ولكن بعد مدة والمتتبع لكل هذا يجد أن المظاهرات أو وسائل إظهار عدم الرضاء ، لم تتوقف من 1968 حتى قامت حرب أكتوبر 1973 وهذه الملحوظة جديرة بالدراسة والفحص ، ولهذا فالسادات كان يجابه عدم الاقتناع به من جانب من رأوا أنهم أحق بمكانته وكان يجابه هزيمة البلاد ، وكان عليه أن يكسب هذا ويمحو هذه .

*****كان عرفان يتأمل كل هذا وهو منهمك في عمله في مكتب الاستيراد والتصدير .. وكان يعاونه ابنه الأكبر جدير وقد بدأ ينفردان بعملها ، بعيدا عن المكاتب الأخرى ، وكانا يسافران إلي إيطاليا ، وفرنسا وانجلترا وبعض دول الخليج كالكويت والسعودية ويتعاقدان علي بضائع مختلفة لتصديرها من منتجات زراعية وصناعية وغير ذلك من الأمـور ويتعاقدان علي استيراد ماكينات صناعة البلاستيك ، وصناعة المكرونة ، وأمثال ذلك من الآلات واستمرا عملهما في وسط هذه الدوامة التي انعكست علي البلد وعلي الاقتصاد.... وكل اقتصاد البلد قد وجه للمعركة ، واستمرت حرب الاستنزاف،

*********************************************

**يتبع  الجزء الثانى من رواية سبع الليالى الحلقة 25

***********************************************************************

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شظايا الغياب...بقلمالشاعر محمد أكرجوط

 -شظايا الغياب- موجع غيابك حجب عني الإرتواء ولا قطرة تسد رمقي ولا نظرة تكفكف دمعي لتوقظني من غفوتي المشرعة على بياض القصيد  بلبلة حروفي  صدى...