قــصــة قــصــيــرة
الوردة ذات الورقة السوداء
كان صاحبنا ، المجهول الاسم ، يمشي في طريق . غالبا لم يتعوده ، لأن كبوات كانت تعيق سيره او ربما لأن الطريق كان شبه مظلم وبه حفر و أحجار متناثرة . كان وجهه شاحبا . ربما من طول المشي او بسبب سنه المتقدم . لكن ، خلال لحظات قصيرة ، كانت ابتسامات محتشمة تعلو محياه و مباشرة زفير وكلمات خافتة . وكأنه كان يناجي نفسه .
ولحظة ، شاهد ، على يمينه ، حقلا ، نباته كله ورودا و أزهارا من ألوان و أحجام مختلفة . تسرب صاحبنا بين ممراته . ولم توقفه إلا وردة واحدة لأنها كانت لا تشبه مثيلاتها . كانت هذه الوردة تتوسطها ورقة سوداء ذابلة تحيط بها أشواك حادة .
كان كلما حاول نثر تلك الورقة السوداء التي تشوب الوردة إلا و لسعته شوكة . كرر المحاولة عدة مرات وكانت النتيجة دائما سيلان الدم من أصابعه . إلى أن أحس أن عينيه تدمعان . لم يتوصل إلى سبب هطول دموعه ، هل من شدة الألم أم حزنه على تلك الوردة . وخوفا من أن تعدي الورقة السوداء الذابلة باقي الأوراق الزاهية بلونا الأصغر ، جمع كفيه على شكل صحن . جمع فيهما كل قطرة دمع أفرزتها عيناه و سقاها الوردة .
وهو يغادر الحقل ، على إيقاعات تنهيدات و شهقات ، كانت باقي الزهور و الورود منحنية . و كأنها تشاركه حزنه او تخفي وجهها عنه شماتة فيه لأنه لم يبالي إلا بتلك الوردة العليلة .
تابع طريقه منهمك القوى وكأن رجليه لم يعودا يتحملان وزنه . وعلى إثر كبوة سقط بجانب قبر . السقطة كانت توحي بسجدة متعبد .
ثرى هل سجدته دعاء للوردة أو لصاحب القبر ؟
حميد الصنهاجي
مكناس - المغرب
الثلاثاء 30 أكتوبر 2018
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق