الوردة ذات الورقة السوداء.. بقلم الكاتب/حميد الصنهاجي

قــصــة قــصــيــرة 

الوردة ذات الورقة السوداء


             كان صاحبنا ، المجهول الاسم ، يمشي في طريق . غالبا لم يتعوده ، لأن كبوات كانت تعيق سيره او ربما لأن الطريق كان شبه مظلم وبه حفر و أحجار متناثرة . كان وجهه شاحبا . ربما من طول المشي او بسبب سنه المتقدم . لكن ، خلال لحظات قصيرة ، كانت ابتسامات محتشمة تعلو محياه و مباشرة زفير وكلمات خافتة . وكأنه كان يناجي نفسه .

  

         ولحظة ، شاهد ، على يمينه ، حقلا ، نباته كله ورودا و أزهارا من ألوان    و أحجام مختلفة . تسرب صاحبنا بين ممراته . ولم توقفه إلا وردة واحدة لأنها كانت لا تشبه مثيلاتها . كانت هذه الوردة تتوسطها ورقة سوداء ذابلة تحيط بها أشواك حادة .


         كان كلما حاول نثر تلك الورقة السوداء التي تشوب الوردة إلا و لسعته شوكة . كرر المحاولة عدة مرات وكانت النتيجة دائما سيلان الدم من أصابعه . إلى أن أحس أن عينيه تدمعان . لم يتوصل إلى سبب هطول دموعه ، هل من شدة الألم أم حزنه على تلك الوردة . وخوفا من أن تعدي الورقة السوداء الذابلة باقي الأوراق الزاهية بلونا الأصغر ، جمع كفيه على شكل صحن . جمع فيهما كل قطرة دمع أفرزتها عيناه و سقاها الوردة .

 

       وهو يغادر الحقل ، على إيقاعات تنهيدات و شهقات ، كانت باقي الزهور و الورود منحنية . و كأنها تشاركه حزنه او تخفي وجهها عنه شماتة فيه لأنه لم يبالي إلا بتلك الوردة العليلة .

 

       تابع طريقه منهمك القوى وكأن رجليه لم يعودا يتحملان وزنه . وعلى إثر كبوة سقط بجانب قبر . السقطة كانت توحي بسجدة متعبد .

 

        ثرى هل سجدته دعاء للوردة أو لصاحب القبر ؟     

                                                                        حميد الصنهاجي

                                                                       مكناس - المغرب

                                                                   الثلاثاء 30 أكتوبر 2018        


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

هل اقول قصيدة؟....بقلم الشاعر علي الهادي عمر أحمد

 هل أقول قصيدة في مدح من يحلو لدي الحديث أم أتغنى بالحروف عشقا في ذكر من بالقلب يسكن الوريد وتظل أحرفي ترقص فرحا في هوى من جعل القلب عبيد وي...