العدل مفتاح الحرية:
عندما علم أمير المؤمنين علي ع: بما فعله عامله في البصره " عبدالله بن عباس" أرسل له يقول:
{ ايها المعدود كان عندنا من اولي الألباب ، كيف تسيغ شرابا وطعاما ، وأنت تعلم انك تأكل حراما وتشرب حراما، وتبتاع الإماء، وتنكح النساء، من أموال اليتامى والأرامل والمساكين والمؤمنين والمجاهدين الذين أفاء الله عليهم هذه الأموال واحرز بهم هذا البلاء} فاتق الله، ، واردد لهؤلاء القوم أموالهم ، فإن لم تفعل، ثم أمكنني الله منك، لأعذرن الله فيك، ولأضربنك بسيفي ،ماضربت به أحدا إلا دخل النار،
.حق الآخر عند الإمام لا يقتصر على المساواة بل تمتد إلى كل جوانب الحياة التي تأخذ منحى قيام المجتمع الإنساني المبني على الحق، فلا ذليل عنده إلا من استعدى الآخرين وتعدى على حقوقهم.
قال عليه السلام: الذليل عندي عزيز حتى آخذ له حقه، والقوي عندي ضعيف حتى آخذ الحق منه.
قال ع: أيها الناس أعينوني على أنفسكم ، وأيم والله لأنصحن الخصم، ولأنصفن المظلوم، ولأقودن الظالم بخزامته حتى أورده منهل الحق ولو كان كارها..
إن إنصاف المظلوم بأي طريقة كانت هو واجب شرعي وواجب إنساني أيضأ وفرض على كل إنسان، وبهذا اقتداء في" أنا" الإنسان إلى " أنا" الإنسان الآخر، والعدل والحق يدعوان الإنسان أن لا يقف متفرجا على الظلم تحت ذريعة أنه لا يريد أن يكره الظالم على الرجوع عن ظلمه تحت شرعة حقوق الإنسان الآخر ، أوليس المظلوم إنسان؟ وكيف إن لم نمنع الظالم عن استمرارية ظلمه؟ والعقل والحق يطالب الإنسان بل فرض عليه أن يعين المظلوم ليرفع عنه الظلم
ونحمله بالعقل والتدبير إلى العودة عن ظلمه وإن وسوسة له نفسه وامتنع عن تقبل النصيحة بالعقل وشغلته دنياه عن الحق في دينه وإنسانيته ، وصرفه باطله عن الحق فلا بأس بالإكراه ضمن حدود الحق.
قال ع: معاشر الناس : إني تقلّدت أمركم هذا ، فوالله الذي لا إله إلا هو ما أصَبتُ من مالكم منذ وُليت أمركم قليلا ولا كثيرا إلاّ قارورة من دهن طيب أهداها لي دهقان.
فالعدل قوامه الحق ، وضده الجور والتعدي ، من ملك نفسه عن حاجته وامتنع عن سلب من يقدر عليه ما هو له وبحاجته أيضا تملك الدنيا بين انامله ، وأول خطوات العدل أن يعدل الإنسان بين نفسه وبين الآخر دون أن يتدخل آخر ليقضي بينهما.
فالمساواة والعدل واحترام إنسانية الإنسان وتأمين حاجته وأعطاء الحقوق لأصحابها ونصرة المظلوم ومحاسبة الظالم هي كلها من أركان الحرية للنفس.
والعقل يقول: الإنسان هو الأولى بتحرير نفسه ليتمكن الفرد من تحرير كيانه من عبوديته وينتفي الظلم، وتتحقق الحرية.
الأديب الباحث غسان صالح عبدالله
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق