مجاراة لقول بشار بن برد
"أعمى يقود بصير ًا لا أبا لكُمُ
قد ضلّ من كانت العميانُ تهديهِ"
هم العميان
شعر: مصطفى أبوالرز
كم تاهَ في البيدِ من ظُنّتْ نواظرُهُ
سليمةً ونجا أعمى من التّيهِ
وكم بصيرٍ غوى في كُلّ مُنعَرَجٍ
وكم كفيفٍ مضى والحقُّ هادِيهِ
عُمي ُ القلوب هُمُ العميانُ ما علموا
بأنّهم لم يرَوْا جهلًا همو فيهِ
ما كان أعمى الذي في قلبهِ بصرٌ
فالقلبُ للحق أنّى سارَ يَهديهِ
وكم يَضلُّ بصيرٌ أنت تحسَبُهُ
يرى الطريقَ وقد ضلّت مساعيهِ
فلا تُغرّ بذي عينين معتقدًا
أن اهتدى رُبّما عيناهُ تَغويهِ
ورُبّ أعمىً مضى في الدّربِ يُبصِرُهُ
بنورِ قلبٍ وكان الرُّشدُ حادِيهِ
يا مُبدعَ الشعر ِكم شعرٍ حوى حِكمًا
ومنهُ كم تافهٍ تَهذي قوافيهِ
لا يَخدَعَنَّكَ وزنُ الشعرِ لو وَزّنوا
إن لم تكن قدسمتْ قدْرًا معانيهِ
فمنهُ أعمى ومنهُ مُبصرٌ فَطِنٌ
قد جلّ مُنشِدُهُ قد عزّ راويه ِ
أما الغثاءُ فقد أزرى بقائلِهِ
وعن مقام بديعِ القولِ ِيُقصيهِ
فلا تكوننّ إلا شاعرًا فَطِنًا
تُهدي خرائدَهُ إن كنتَ مُهديهِ
واترك لعُميٍ بدربِ الشعر ِقد عَبَروا
وما لهم من صدًى في رَجْعِ واديهِ
هذا الهُراءَ ولا تحفلْ بقائلِهِ
فأبحُرُ الشعرِأحرى أن تُعرّيهِ
وهات ما كانَ من واديهِ منبعُهُ
واسكبْهُ في الكونِ كي يَسقي بَواديهِ
الدرُّ مظهرُهُ والتبرُ مخبرُهُ
جَلّت مضامينهُ رَقّتْ حواشيهِ
تمضي السنين ُولا تَنسى مَطالعَهُ
وما تزالُ شفاهُ الكونِ ترويهِ
وكم تمرُّ قرونٌ وهي مُنشدةٌ
عذبَ القصيدِوتُحيي ذكرَ شاديهِ
بصائرُ الشعر تَهدي عُميَهُ سُبُلا
للخُلدِ فاسمعْ فَمَ الدّنيا يُغنّيهِ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق