..... القراءة .......
بين الواقع والمأمول ـــــــ
. د نبيل الهادي ....
مما لا شك فيه بأن لكل حي معلوم الوجود سواءً كل حسي أو معنوي غذاء تستمر الحياة بإستمراره وتنعدم وتموت بعدمه ..... فالبدن يتغذاء بالغذاء التقليدي الحسي (الاكل والماء) والروح تتغذى غذاء معنوي.( الإيمان ومعرفة الله والتوكل والتسليم له وحده والعبادة والطاعة بالاضافة للرحمة والود والتواضع والانسانية وحب الخير لكل الناس ) لكن ماغذاء العقول إذا كان ما ذكرناه فقط غذاء الارواح... وغذاء الابدان في البطون. ..... إن غذاء العقول هو الإطلاع والمطالعة .. القراءة والإستفسار والمناقشة ..... التأمل والإدراك والمتابعة ..... الملاحظة والإستنباط والمحاولة ...... التوعية والوعي والبحث وخوض التجارب مهما كانت نسبة الفشل وصولاً للنجاح والابتكار والاختراع وخدمة البشرية ............ ... .. . كل هذه الامور تعتبر وظائف العقل بالدرجة الاولى .. وكذلك فهو يتغذاء بهذه العلوم والمعارف والعلم والابتكار والنجاح عن طريق طُرق عدة أهمها .. وأساسها القراءة والمطالعة ... ثانياً .. التلقين والإستماع ... ثالتاً .. المشاهدة ... البحث وتقصي الاحداث والظواهر والامور ..... وكل هذه الامور مجتمعة تغذي العقول وتساهم في صقلها وتفهمها ونضوجها وكِبر خلفياتها وسعت علمها ومعلوماتها الامر الذي يجعلها كلما نضجت وتعلمت و
إطلعت وقرأت أكثر كلما كان وقوعها في الخطأ والزلل والغلط قليل جداً وكلما كان تفكيرها وإستنتاجها علمي وصحيح ومنطقي وكانت حجتها أقوى والحوار والنقاش معها أنفع وأسلم وأجدى ...... وبرغم كل ما ذكرنا تضل القراءة هيء البوابة الاولى لكل هذه الامور .....
ولكن ماواقع القراءة والاطلاع والمطالعة اليوم في بلدننا العربية مع الحداثة والعولمة والسوشل ميديا والتقدم العالمي في كل العلوم والمجالات ..... وكيف نستطيع الوصول للمعلومة الصحيحة والخبر الصادق في ضل ماساد من سلبيات وتسييس للمعلومة والخبر في الاعلام الحديث والرسمي المسيس والقنوات الخاصة ..... وما السبيل لمعرفة المعلومة الصحيحة والخبر الصادق من طوفان ذلك الكم الهائل من الاخبار والمعلومات في وسائل التواصل الاجتماعي ....
حقيقةً لقد أثر كل ماذكرنا في ألوصول للحقيقة وغزت تلك الاخبار والمعلومات والاحداث المفبركة العقل العربي وساهمت في توجيهه في كثير من الاوقات في الوجهة والمكان الخطأ وخلقت رؤية وتفكير وإعتقاد غير حقيقي وواقع إفتراضي منافي لصلب الحقيقة والواقع الدائر حقيقةً على الارض ...... كما ان وجود السوشل ميديا والاعلان والاعلام الحديث بكل أشكاله المقروء والمسموع والمشاهد وكذا وسائل الاتصال والتواصل الاجتماعي قد ساهم كل هذا وبشكل مباشر في تراجع إطلاع المواطن العربي وإحجامه عن القراءة والمطالعة وحجمت وقللت كثيراً من دور وأهمية الكتب والمراجع والمجلات العلمية والفكرية والثقافية والادبية ..... وتواكلت واعتمدت معظم تلك العقول العربية على السوشل ميديا ووسائل التواصل والتي اغلبها مفروض بحكم التواصل المستمر ومشاهد كذلك .... الامر الذي غيب مصدر إستقاء العلم والمعرفة والحقيقة من مصادرها الاساس وهيء الكتب والمراجع والمؤلفات والابحاث والمجلات الهادفة ..... لدرجة وصلت حتى في الموطن العربي المسلم إلى حد هجر كتاب الله ونسيانه لفترات طويلة وهذه حقيقة مؤلمة جداً ومؤسفة ..... كل هذا ساهم في تشتيت العقل العربي وعدم يقينه في معظم ما يستقيه عقله من علوم ومعارف وحقائق لثبوت عدم مصداقية وصدق معظمها ..... كما أن ذلك الاعلام الحديث ووسائل الإتصال والتواصل قد أحدثت هوة سحيقة بين القارئ والقراءة التقليدية بما حوته من وسائل إغراء وغزوا للعقول وإستنفاذ وإستهلاك وهدر خطير للوقت في مشاهدة تلك المحتويات الهدامة واللا أخلاقية والعبثية واللهوية والمجنونية والاباحية من مشاهد وافلام وحلقات ودراما ومسلسلات وحوارات ولقاء ات ليس لها معنى أو هدف أو قيمة إلا إضاعة الوقت وهدم الاخلاق وأنا هنا بالطبع لا أعني كل الافلام والمسلسلات والمشاهد والحلقات والحوارات واللقاءات ٳطلاقاً لان جزء لاباس به مما يذاع ويبث وينشر مفيد وهادف وتستفيد منه العقول ..... إنما أعني ماهاجم العقول وعطل عملها وتفكيرها وأضاع الوقت فيما لا نفع منه بل وأصابة وشل عمله وعطل أبداعه........................ وخلاصة مانخلص إليه بان غربة العقل العربي وخوائه وجفاف منابعه العلمية والمعرفية وحرمانه الكبير من الغذاء المهم والاساس لنموه وتوسعه وتطور تفكيره وعلومه وافكاره وحكمته وتفعيل دوره وتشغيل وتوجيه عمله بالوجه المفيد والصحيح قد زادت بشكل كبير في عالمنا المعاصر وزاد معها الجهل العلمي والثقافي والمعرفي وزاد كذلك في الناحية الاخرى العلم بالتفهاهات والإهتمام باللهو والتراهات واللا اخلاقيات ... وزاد مع كل ذلك الإحباط والتشتت والتقزم والانحسار للعقل العربي والتسليم بالغباء العربي والإعتراف بتفوق العقل الغربي والاجنبي عامة في معادلة باطلة وهزيمة نفسية مخزية .... فهل نعي هذا ونشرع في الخروج من دوامة ثقافة الجهل وتعلم الامية ...... نأمل ذلك ....................... ... .. .
د نبيل الهادي
الجمهورية اليمنية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق