قصصُ الحب ِ التي خلَّدَهَا التاريخ : أبطالُها شعراء(10)دراسة وبقلم حسين نصر الدين : فكرة الصديقة الأستاذة الأديبة (Sanaa Milly) عاشقة اللغة العربية وآدابها :
القصيدة عند نزار تُسْتَشَهد ُ على الورقِ :
سأقول في التحقيق : إنَّ اللصَّ أصبحَ يرتدي ثوبَ المُقاتِلْ وأقول في التحقيق : إنَّ القائدَ الموهوبَ أصبحَ كالمُقَاوِلْ وأقولُ : إنَّ حكايةَ الإشعاع ، أسخفُ نُكْتَةٍ قِيلَتْ ، فنحنُ قبيلةٌ بين القبائِلْ هذا هو التاريخُ ، يا بلقيسُ ، كيف يُفَرِّقُ الإنسانُ ما بين الحدائقِ والمزابلْ ؟ بلقيسُ ، أيَّتها الشهيدةُ والقصيدةُ والمُطَهَّرَةُ النقيَّةْ سَبَـأٌ تفتِّشُ عن مَلِيكَتِهَا ، فرُدِّي للجماهيرِ التحيَّةْ يا أعظمَ المَلِكَاتِ ، يا امرأةً تُجَسِّدُ كلَّ أمجادِ العصورِ السُومَرِيَّةْ بلقيسُ ، يا عصفورتي الأحلى ، ويا أَيْقُونتي الأَغْلَى .. ويا دَمْعَاً تناثرَ فوق خَدِّ المجدليَّةْ أَتُرى ظَلَمْتُكِ إذْ نَقَلْتُكِ ذاتَ يومٍ من ضفاف الأعظميَّةْ ؟ بيروتُ تقتُلُ كلَّ يومٍ واحداً مِنَّا ، وتبحثُ كلَّ يومٍ عن ضحيَّةْ والموتُ، في فِنْجَانِ قَهْوَتِنَا ، وفي مفتاح شِقَّتِنَا وفي أزهارِ شُرْفَتِنَا ، وفي وَرَقِ الجرائدِ ، والحروفِ الأبجديَّةْ .. ها نحنُ يا بلقيسُ ندخُلُ مرةً أُخرى لعصرِ الجاهليَّةْ ها نحنُ ندخُلُ في التَوَحُّشِ ، والتخلّفِ ، والبشاعةِ ، والوَضَاعةِ ندخُلُ مرةً أُخرى عُصُورَ البربريَّةْ .. حيثُ الكتابةُ رِحْلَةٌ بينِ الشَّظيّةِ والشَّظيَّةْ حيثُ اغتيالُ فراشةٍ في حقلِهَا صارَ القضيَّةْ
صرّح نزار قباني غير مرة بأن حدّا من حدود الشعر الذاتية يكمن في كونه عملية المواجهة ، فالقصيدة عنده عمليّة استشهاد على الورق ، وأيّما شعر وجد نفسه يقف بيْنَ بيْنَ فعليه أن يستقيل ، إذ إنّ الوقفة الحقيقية للشعر تكون مقابل السلطان المعجب بصوته ولحنه ، حيث يقف الشاعر كرجل سلطة بحكم قدرتِه على الوصول إلى الجماهير والإمساك بنبض الشارع ، بلغة تتغلغل في فقر الفقير، وتتجول على عربة البائع المتجول ، وتجعل نفسها حجرا ً بيد أطفال الحجارة ، فنزار قباني يرفض في كل الأحوال قصيدة مثل قصيدة زهير بن أبي سلمى ، القصيدة التي تعيش نصف عمرها مرتجفة الكلمات في خيمة وتخاف ساعة الخروج إلى الناس .
أما قوله بأنّ «الشعر فضيحة جميلة» فيقضي بأن الشعر لا يوظّف لإخفاء الفضيحة ، وعلى هذا أبني قولي بأن رموزا قديمة اتخذها نزار قباني في شعره ونثره وبعض خطاباته الشفهية مثل(السّياف مسرور أو زوّار الفجر) هي رموز تفضح نفسها دون أيّ ورع ٍ، وكلّ ما في الأمر أنها كلمات تتجمّل في قصيدة ! بحكم طبيعة الرمز الذي تنحو طبيعته نحو الجمالية ، وقد عبر عن هذا بكلماته قائلاً« أنا دائما أمشي عاريًا وكلماتي عارية... ولا أحب الحفلات التنكرية... وأحب أن أبقى في ضمير الشعب وليس في ضمير ناقد أو ناقديْن»، وهذا يصعّب على الناقد فهم وظيفة الرمز كأسلوبٍ في شعر نزار رغم تعرّيه !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق