علي محطة قطار سيدي جابر
رأيت سيدة معها
بنت صغيرة وجميله جداً
تشبه أمها كأنها صوره طبق الأصل
منها
رأيتهما
في محطة قطار سيدي جابر
و وجدت في عينيها بريق
كله استغاثه واستعطاف
ما اغرب هذا الشيء
وما اغرب هذا وأعمق هذا البرق
إنه بريق
يأخذ العقول والأبصار
ويفعل الأفاعيل!
عجباٌ
وإقتربت منهما
بهدوء مضطرب
وخطوات غير منتظمه
وتفكير
لا يخلو من الحيرة والإستغراب
وسألتها : هل من مساعدة؟
أجابت علي الفور : نعم
لقد فقدت نقودي وهاتفي!
أنا سيدة من القاهرة
أدعي إنچي
وهذة ابنتي الوحيدة
انهت حبييتي مكه
جئنا بمفردنا
وفقدنا أموالنا
والحياة يا سيدي
مليئة بالأسرار
كلها إبهار
ونظرت إلي بريق عينها
وكلامها
وانتابني
المزيد من الإصرار!
علي أن أساعدها
مهما صار
وسريعاٌ
اخذت القرار
مستحيل أن تكون
كاذبة أو مخادعه!
ومع أني لا احب الفضول
نهائياً ومطلقاّ
إلاّ أني
أريد ان اعرف
ماهي الأسرار
إن الأسرار
هي البهار وملح الطعام!
وبعد النظر إلي عيونها الساحره
الزرقاء
أعطيتها الهاتف الثاني
من هواتفي
وأخبرتها
أن إسمي أحمد
فاطمئنت لأسمي من نظرات عينها
لا أعرف لماذا؟
وأعطيتها مبلغ من المال
يجعلها
تعود إلي القاهرة
فلماذا كل هذا
السكوت الذي إنتابنا
ولماذا الغموض
والإرهاق!
لقد ودعتها بأمان
انا وأبني الصغير
معاذ
وانصرفنا
أريد ان انظر للخلف
لا أعلم لماذا!
أريد الرجوع مرة أخري!
ولا أعرف لماذا؟
نعم
لقد تمنيت هذا!
عن جد
واثناء تفكيري وانشغالي
سمعت نداء وصراخ
أحمد أحمد
ونظرت للخلف
فوجدتها منهارة
من كثرة البكاء
وقالت لي أنت: احمد مصطفي!
تتذكر جامعة الاسكندريه
منذ ثلاثون عام!
أو يزيد
ثم قالت أيضاً: إني حذفت شعرك الابيض
ليعود اسود كما كان من قبل!
وعبرت
عبر بوابة الزمن
الخلفيه!
الحقيقية!
ألم تعرفني
فأجبت: يااااه
يالله يا الله
معقول!
انتٍ إنچي محمود
حبيبة الماضي
والتي سافرت في السنه الثانيه
من الجامعه
إلي أوروبا فجأة
ولم تخبرني
وانتظرتها سنين وأعوام
وكنت أبحث عنها
في وجوه كل الفتيات
والنساء
حتي تملكني
اليأس
وفقدت الأمل
وطويت صفحه
العشق الجميل
قالت : نعم
وقلت لها: لقد احسست بريق عينيكٍ
رغم كل هذه
العدسات الملونه الزرقاء
الجميله
التي خدعتني لبعض الوقت!
وهذا الشعر الذهبي أيضاً
لقد
لعب معي دوراً خبيثاّ!
ولكن رغم كل هذه الخدع النسائية
إلا أنكٍ عبرتي أيضا من بوابه الزمن مثلي!
لكن بنجاح
يا له من قدر
ياه يا إنچي يا حب السنين
أنچي
أحب ان اعرفك هذا ابني
معاذ
و الوحيد أيضاً
إنه أكبر من ابنتك
أو في مثل عمرها تقريباً
واثناء حديثي
التفت إلي معاذ
وجدته مع مكه
يلعبون ومنسجمين
إنهم يضحكون
ياه
ليتهم .....!
وهنا توقفت الذكريات
وأفقت من جديد
ثم
اخرجت هاتفي الأخر
مسرعاً
واتصلت بزوجتي
علياء
وأخبرتها بما حدث
فانا قد حدثتها علي قصتي
مع إنچي قبل زواجنا
من سنين وسنين
فأنا لست خبيث ولست بخائن!
إن الله لا يحب الخائنين
أنا وعلياء
لا نكذب علي بعض ابدأ
نحن احباب وعشاق
وبيننا عشرة سنين
أخبرتني علياء
علي الفور
ودون تردد في الكلام
وبثبات تام
أن أعود الي المنزل
ومعي إنچي وابنها محمود
ولا داعي من مشواري
لشراء ملابس وأشياء
كلن يحتاجها ويريدها
معاذ
وأخبرتني أن
الغداء صار جاهز
والضيوف ربما يكونوا جائعين!
وقالت علياء: احمد حبيبي
اعطيني إنچي اعزمها بنفسي
إن الله يحب المحسنين
وركبنا سوياٌ
إلي شقتي في العجمي
بعدما قال لي معاذ
أبي لا اريد شيء اليوم
إلا ان نعود مع مكه وطنط
عند ماما
فالديا العديد من الثياب الجديدة!
والألعاب
أبي
هل يمكنني أن اعطي مكه
لعبه هديه
فأجبت نعم
فقال علي الفور
هيييييه!!
واثناء العوده
لم تترك مكه معاذ
وكأنها تعرفه من سنين!
وبعد الغداء والحلو
وما لذا من الشراب والتسالي
قالت علياء إلي إنچي
اتركك بعد الاستحمام
ترتاحي كما تشائين
وفي الصباح نتكلم ونتحدث
ونخرج للنزهة واللعب
مع مكه ومعاذ
وأحمد إن استطاع أن يأخذ
أجازه من العمل
سوف يلحق بنا
فأجابت إنچي مسرعه
اشكرك يا علياء علي كل شيء
فمثلك الآن قليل!
لقد عم الفساد في الأرض
فقالت علياء: إن الله
لا يصلح عمل المفسدين
وردت إنچي
هناك موضوع كان يؤرقني
وكنت اظن ان الحل مستحيل
لقد تزوجت من ثري وانتقلت
إلي معظم بلاد العالم
ولم يرزقني الله
من زوجي
إلاّ بمكه
وقد مات زوجي
وكل أهلي اجمعين
ولم يتبقي لي من الدنيا
سوي مكه وأموالها
التي لا تعد ولا تحصي
التركه كلها بأسمي
وأنا مريضه بمرض قاتل وخبيث
وقلت يارب
إفعل بي ما تشاء
وافعل بي ما تريد
ولكن مكه
ما مصيرها!
وانا مصيري الموت المحقق
انتظره ساعه بعد ساعه
وأنا اريد وانت تريد
والله يفعل ما يريد!
خذي يا علياء
كل هذه الأوراق وحجج الملكيه
الخاصه بالثروة
وغدا اذهب لعمل توكيل عام
بالإدارة والوصايا علي مكه
باسمك انتٍ وأحمد
فقالت علياء : وكيف ذلك؟!
فأجابت إنچي: وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان
لقد احبتكم مكه
وكذالك أنآ
انتم اهلها
وأهلي
انتٍ الآن اختي التي
لم تلدها أمي
أما أحمد
فأنا اعرفه وأعرف اخلاقه
منذ زمن سحيق!
وانتم ملوك بأخلاقكم النبيلة
الطيبة الأصيلة
وكذالك الملوك بأخلاقهم
يفعلون
وعند ذلك
بكت علياء وإنچي
وانفطرت عيني أنا أيضاً
وانهمرت بالبكاء
مابين ذكريات حب
وما بين ألم وحنين
ومشاعر جديده مختلفه
ولدت الأن
لم أعرف لها من قبل مثيل!
وعلي الصعيد الأخر
و في الغرفه الثانيه
حيث مكه ومعاذ
هما
يضحكون ويلعبون!
هما في المرحله الإعداديه
مكه في السنه الأولي
ومعاذ في الثانيه
لعل الله يحدث مم بعد ذلك أمراً
إن الله فعال لما يريد
وحكمته لا يعرفها
الكثير من العبيد
وفي الصباح الباكر
وبعد استخراج وعمل التوكيلات
والرجوع الي المنزل
وجدت إنجي تخبر علياء
وتعلمها سرا!
لقد قالت لها
إن في شنطتي الخاصه
كل الڤيز والمجوهرات
والموبيلات
والكثير والكثير
فأنا لم افقد شيء من أموالي
وممتلكاتي!
ولم أسرق!
كما أخبرت أحمد
عندما قابلته في محطه القطار
لا أعلم لماذا حذفت
كل برنامج رحلتي بالفندق
والليموزين
وأغلقت جميع تليفوناتي
وأخبرته إني بحاجه الي مساعدة
لأني وبكل صرحه
عرفته من اللحظه الأولي
أعذريني
واغفري لي فعلي هذا
إن الله مقلب القلوب
وهو لطيف بالعباد
استودعك أحمد ومكه
ومعاذ عريس ابنتي!
إن الافراح من بعدي
ستبدأ وتعود من جديد!
ونطقت الشهادة
وخرجت الروح إلي
خالقها وبارئها
إلي رحمه الله يا أنچي
لقد عانتيتي من الناس
الكثير
إني اتذكر حديثك معي
أثناء ذهابنا الي البيت
عندما اخبرتيني كل أسرارك
وقلتي أن والدك
تعثر مالياً
مما جعلكٍ تضطرين للهجره
والزواج من رجل ثري
أكبر من جدك
وقد مات الرجل
ومات كل أهلك أجمعين
وانتٍ وحدك
تدفعين الثمن
وتتوجعين!
دفعتي من عمرك
وسعادتك وحب عمرك
الكثير والكثير
وها قد لقيتي الآن ربك
بقلب سليم
ذهبت ٍ
وانتٍ مطمئنة علي ابنتك مكه
وهي في حضن ابوها وأمها
من جديد!
وها قد مرت الساعات والأعوام
وتخرجت الدكتورة مكه
وتخرج الدكتور معاذ
من جامعة الطب سوياٌ
وقاموا بعمل دراسات عليا
ودكتوراه
في الطب المقارن
وابحاث الأورام
والطب البديل
وفتحوا مستشفي للأورام
والأمراض الخبيثة والمعقده
للفقراء بالمجان
لتكون صدقه جاريه
علي روح إنچي
لقد عاد الفرج والفرح من جديد
الأن
تدق الأفراح اعتاب بيتنا
المتواضع الجميل
ليقام حفل زفاف
مكه ومعاذ
وتتسلم
اموالها وممتلكاتها
لتعود الأمانة
إلي اصحابها
إن حساب ربك لشديد
لقد بدأت مراسم الفرح
والزفاف
إنه عن جد
لفرح جميل
أما أنا وزوجتي الطيبه
الصابره المثابره
بعد طول عناء
وجهد وبلاء
قد خرجنا من الدنيا
مع معاذ ومكه
إلي مكه
لقضاء فريضة الحج
وعمل عمره
للأحباب أجمعين
والله خير معين
نعم
لقد رزق الله
الدكتور معاذ والدكتوره مكه
بإنچي وأحمد وعلياء
إنهم أجمل أحفاد
نعم إنها النهاية
لكن!
ستظل دائماً علياء
علياء بقيمها وأدبها
وعقلها الراجح المستنير
ومحافظتها علي حبها
لزوجها وابنها وابنتها!
إنها لنعم المحافظ علي الأمانه وكانت مكه
مثل أمها وأكثر
ان علياء تمتلك من الحنان
مايغمر الكرة الارضية جميعها
لقد بدلني الله بالخير
إن الإنسان اذا ما رضي بما قسمه الله له
يعيش السعادة في جميع وأبهي صورها
نعم
إن مدخل السعاده الحقيقي
يكمن في الرضا
اللهم
هب لنا حسن الخاتمه
واحشرنا مع أحبابنا أجمعين!
آمين
يارب العالمين
قلم
أحمد مصطفى أحمد
مصر

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق