المستنقع
********
خرجت في جنح الليل متلهفة كعادتها تتدثر تحت كومة من الثياب ولم تعبأ ببرودة الجو ولا تلك الأمطار التي تتساقط في صمت مريب.
تلك القرية التي تبعد عن الحيز العمراني والتي تغط وسط الظلام الدامس. الطريق موحل يخلو تماما من المارة.الكل يغلق أبوابه.امام تلك الكومة من الحطب المشتعل ينشد بعضا من الدفئ في تلك الليلة الباردة.
أخترقت تلك الزراعات حتي تختصر طريقها وهي تعلم جيدا إنه بالانتظار في الناحية المقابلة من الحقل.
لم تعبأ بحالة الجو المريبة وتلك القطرات التي تتساقط في رتابة منتظمة.ولم تعبأ ايضا ولم تلق بالا لمن تقع عينيه عليها فهى وضعت حسابا دقيقا لكل الاحتمالات.
هناك في الإنتظار..استقبلها بطريقة المتلهف كذئب شارد يستقبل فريسته وهي علي يقين أنها مجرد فريسة يعبثان في بئر الرذيلة
والفسوق.
فتاة ضلت طريقها.. عبثت بها أقدارها ..فتاة علي قدر كبير من الجمال ذات عينان جميلتان سودوان..تمتلك كل مقومات الأنثى
نشأت وسط أسرة يحوطها الفقر والعوز وسط خمسة من الأخوات
اب شيخ كبير أم كفيفة البصر..لا يمتلكون من حطام الدنيا سوي تلك الدار وتقوم والدتها بغزل الصوف وبيعه في المدينة والأب لا حول له ولا قوة يقوم بجز الخراف لأهل القرية مقابل مبالغ زهيدة.
تلك العاطفة التي حركت داخل الفتاة نوازع الأنوثة كونها فتاة من حقها تحب وتعشق. فتركت نفسها فريسة سهلة لأحد شباب القرية
ومن كبرائها..
عاشت تتلذ في الخفاء بتلك الحياة البوهيمية والتي تخلو تماما من روح الفضيلة..وعاشت تعبث بمقدراتها..
كانت تلك العينين الثاقبتين والتي ترمق كل شئ في صمت وذهول..
كان يجلس بجانب حقل القصب الذي يمتلكة يتواري داخل (الخص) الذي أقامه من عيدان القش. كان يرقب كل شئ في صمت..
مرت الأيام مسرعة..ولم يجد جديد.
لم تعبر الفتاة الطريق كعادتها. ألي ان سمع من بعيد أصوات صياح وعويل..هبط مسرعا إلي القرية يستجلي الأمر. سأل ما الخطب
قتيل بالقرية..مضرجا في دمائه اقترب يستجلي الأمر .
انه هو ..
عاد مسرعا لحقله..ليجد الفتاة في انتظاره..تحمل بين ذراعيها وليدا...رمقته بنظرة حوت كل معاني الألم ..والندم .لم تستطع التفوه بكلمه..سوي .فليغفر لي الله.وفاضت روحها لبارئها
تناول الوليد بين ذراعيه.. وانطلق مسرعا..
***********
محمد المصري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق