مشاوير 66..
——————-
برج الفاتح معلم من معالم طرابلس .نفذته شركة عملاقة .تناظره ابراج ثلاث تشبه مدينة ارم .في المساء بعد ساعات القيلولة اقترحت على سي مبروك ان نزور الابراج .انتفض الاولاد فرحين رقصت عيونهم بالبهجة وبعد نصف ساعة فقط اجتزنا خلالها دوار باب بن غشير ثم طريق السكة حتى وصلنا العمار المتاخم للبحر الابيض .الشاطئ يعج بالمصطافين على امتداد ميل واكثر .اطفال يتقافزون معلنين تحديهم للموج الذي يمتد ويرتد ثم ينكسر علي رصيف طرابلس العتيقة .لطالما رست مراكب المستعمر البغيض .
أحتلوا أرضنا قال الحاج المبروك .كنت صغيرا جدا حين خترقت نجوعنا الرابضة أسفل الهنشير .كنا نعيش وسط المرج وكانت الزروع تستطيل بنا ونحن صبية نتراكض بين شقوقها .
لها رائحة نفاذة قال الحاج المبروك وهو يمرر يده على وجهه .فجأة سمعنا صوت ازيز عربات عسكرية تشق النجوع ثم احاطت بالخيام .كان والدي قد ازاح الرواق صوب احدهم بندقيته في وجهه .استنجد والدي بالولي محمود الذي كان في الجوار ثم صار ينادي علينا بصوت جهوري محذرا لنا من مغبة الطليان والذين وصل احتلالهم لارضنا هناك .لم يكتفوا باحتلال المدن لكنهم ارادوا استعمار ارضنا .وبهمم رجالنا زرعنها كما رأيتم زيتون ورمان وعنب مختلف ألوانه .تعبنا كثيرا لكنها عادت لنا .الان لم يعد لهم اثر.لقد رحلوا جميعا .
لذا هولاء الاطفال يمرحون لانهم عاشوا زمن الحرية ولا احد يحد من طموحاتهم .هذه الابراج تشبه تماما كنائس يسوع المسيح حين خرج من باطن الارض الي سفحها .انظروا اليها انها تعانق السحاب .
استدار بنا الطريق حتى غمرتنا ظلال برج الفاتح .اذا اردتم ان نحتسي القهوة في المقهى الدوار عليكم الصعود من هنا .قال الحاج المبروك وهو يضحك حتى مالت قبعته ..
————————
علي غالب الترهوني
بقلمي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق