......................... ( الشَّكْوَى للهِ )
هذه القصيدة هي لسان حال كل الفقراء الذين جار
عليهم الزمن .. ولم يتحسس وجعهم إلا القلة من أصحاب الضمائر الحية في بلدي .
أَشْكُو إلَى اللهِ هَمًّا .. كَادَ يَقْتُلُنِي
لَولاَ بَقِيَّةُ صَبْرٍ ..... بَاتَ يَغْشَانِي
جُوعٌ أَطَالَ مُكُوثًا فِي مَرَابِعِنَا
وَالقَهْرُ أَجَّجَ ..... آهَاتِي وَأَشْجَانِي
مَا كُنْتُ يَومًا بِصَرْفِ الدَّهْرِ ذَا جَزَعٍ
حَتَّى رَمَتْنِي بِسُوءِ الحَالِ أَزْمَانِي
قَدْ مَالَ حِمْلِي وَمَا عَادَتْ مَنَازِلُنَا
تَزْهُو بِصَحْبٍ غَدَاةَ الرَّوْعِ تَرْعَانِي
حَلَّ الثُّبُورُ بِهَا مُذْ أَقْفَرَتْ وَخَوَتْ
وَالرِّيحُ تَعْصِفُ فِي أَرْضِي وَأَفْنَانِي
لَمْ يَبْقَ مِنْ أَمَلٍ يَرقَى لَهُ وَجِلٌ
فِي لُجَّةِ الغَمِّ عِنْدَ الكَرْبِ يَلْقَانِي
أَيْنَ الأَحِبَّةُ قَدْ غَابُوا وَقَدْ رَحَلُوا
وَأَسْلَمُونِي لِوَجْدٍ ...... هَدَّ أَرْكَانِي
أَمْ أَيْنَ بُهْرُجُ أَحْلاَمِي وَزَهْرَتُهَا
أَيَّامَ تَاقَتْ لأَهْلِ الدَّيْرِ أَحْضَانِي
وَكَانَ كُلُّ أَرِيبٍ .. مِنْ بَنِي وَطَنِي
تَهْفُو إِلَيْهِ نِيَاطُ المُتْعَب ِ الْوَانِي
هَذِي الأَمَانِي وَمَا أَبْقَتْهُ مِنْ مُلَحٍ
كَأَنَّهَا الوَرْدُ ....... مَنْثُورًا بِقِيعَانِي
ضَاعَتْ بِلَيْلٍ وَأَضْحَى رَبْعُنَا خَرِبًا
لَمَّا اسْتَبَدَّتْ بِطِيبِ العَيْشِ أَحْزَانِي
يَا نَاصِرَ الخَيْرِ .. يَا رُكْنًا أَلُوذُ بِهِ
عِنْدَ الحَوَادِثِ - بَعْدَ اللهِ - سُلْوَانِي
يَا مَنْ أَجَابَ عَلَى سُؤْلِي بِنَخْوَتِهِ
وَأَوْرَقَ الحُبُّ فِي صَدْرِي وَأَحْيَانِي
اِرْفِقْ فُدِيتَ بِمَنْ كَانَتْ مُرُوءَتُهُ
لاَ تَعرِفُ المَطْلَ فِي بِرٍّ وَإِحْسَانِ
وَارْفُلْ بِمَجْدٍ مِنَ الآبَاءِ صَارَ غِنًى
وَالجَدُّ حَاتِمُ يُزْجِي الفَضْلَ لِلدَّانِي
شَتَّانَ بَيْنَ صَفِيِّ القَلْبِ ... شِيمَتُهُ
نَفْسٌ تَجُودُ ... وَكَفٌّ تُطْلِقُ الْعَانِي
وَبَيْنَ نَهْمٍ إِلَى الأَمْوَالِ .... يَكْنِزُهَا
وَالنَّاسُ تَلْهَثُ مِنْ جُوعٍ وَحِرْمَانِ
لاَ دَمْعَةٌ ذَرَفَتْ مِنْ عَيْنِ نَائِحَةٍ
هَزَّتْ لَهُ بَدَنًا فِي صَحْوِ وِجْدَانِ
وَلاَ اسْتَفَاقَ ضَمِيرٌ عِنْدَهُ وَمَضَى
يُحَاسِبُ النَّفْسَ عَنْ تَقْصِيرِ غَفْلاَنِ
يَاابْنَ الأُصُولِ رَعَاكَ اللهُ مِنْ شَهِمٍ
لَمْ تَنْسَ أَهْلاً .. وَلَمْ تَقْطَعْ بِجِيرَانِ
كُنْتَ الكَرِيمَ وَمَا أُطْرِيكَ عَنْ عَبَثٍ
أَنْتَ المُجَرَّبُ ..... يَا فَخْرًا لِقَحْطَانِ
يَفْنَى الأَنَامُ .. وَلاَ تَفْنَى مَحَاسِنُهُمْ
وَيَرْفَعُ اللهُ حَتْمًا ..... كُلَّ ذِي شَانِ
.. رشاد العبيّد
سورية - دير الزور

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق