أنا وكورونا.. قصة قصيرة.. بقلم الأديبة/تغريد طالب الأشبال

 قصة قصيرة

(أنا وكورونا) ١٥/٨/٢٠٢٠

……………………… 

ولو أن الأمر كله بيد الله.. ولكني لم أكن أعلم إن دخول الوباء إلى بيوتنا بهذه البساطة،رغم كل ظروف السلامة والأمان المتخذة.. ولكن! 

في ليلة عيد الأضحى قد حضر زوجي من المشفى وهو مرعوب ومصدوم من خبر إصابته بكورونا ،أصابه إنهيار تام وتعب شديد من هول الخبر وليس من نقص الأوكسجين.. طمنته بأن لا يخاف ولا يهتز لأن الڤيروس يستضعف الخائف ويقتله بسهولة…. نمت وأنا على وجل من الأمر وكيف سأحمي العائلة من مريض بكورونا بات واقعاً بيننا وهو عصب البيت(الأب)..

أصبحت صباحاً وأنا غريقة بعرق لا قبل لي به.. العرق يتناوشني من كل ذرة من جسدي وكان حجمه غير طبيعي وكإني قد وضعت تحت شلال..الرجفة القاتلة والقشعريرة قد تولتني حتى إني لم أنتبه إن الدنيا سوداء وليس هنالك ما أرى،فالظلام دامس وأشباح وصور مشوهة تظهر أمام عيني بين الفينة والفينة.. جاهدت وقاومت مستعينة بالدعاء والتوسل الى الله لأستطيع النهوض لأطمئن على زوجي.. وكانت ابنتي تسألني(ماما ما بك؟)فأطمئنها بأني لم أزل تحت تأثير النوم ولم أصحى بعد.. حلَّ الظهر سحبت نفسي إلى الحمام واغتسلت بقدرة الله وقوته رغم الشاشات السوداء والصور المشوهة التي تغزو عيوني..بعد الغسل إستعدت جزءا من حيويتي واستطعت أن آكل قطعتين من البسكويت لأتمالك نفسي.. فشعرت أثناء الأكل إن لساني ثقيل ولا أعي حركته حتى إني شككت بنفسي بإني آكل حيث لا طعم للطعام ولا إحساس باللسان.. جنبا كفيَّ من جهة الخنصر قد ماتتا تماماً..لم أعد أشعر أن لدي خناصر.. كل هذا العناء وهذه المقاومة ولم أترك أحدا يشعر بما أصابني فقد ينتابهم الذعر من هول إصابة الأم والأب في وقت واحد… حلَّ الليل..ومنتصفه.. وجاءت ساعة اللقاء بالقوي العظيم.. حيث أذان الفجر.. فشمرت عن ساعدي وتوضأت وصليت الفريضة مدعومة بالتوسلات والأدعية للنجاة من هذه الشدة.. ثم بعد نوبة من السعال القاتل الذي تأخذ فيه الشهيق ولا تستطيع أن ترجع الزفير من كثرة السوائل الكورونية التي تملأ الرئتان وتأكلهما.. صعدت إلى سطح الدار في الخامسة والنصف صباحاً حيث الأوكسجين النقي الطبيعي الذي هو ملك لله ولايساومني عليه أحد.. فقد أخذت أستنشق الأوكسجين وأفرغ من محتويات الرئة المخاطية.. وأستنشق الأوكسجين وأفرغ من المحتويات المخاطية،حتى صرت أشهق الشهيق وأستطيع أن أُتبِعه بالزفير الذي يؤمن لي عملية تنفس تجعلني على قيد الحياة… كررت عملية الإنعاش هذه كل يوم حتى فرغت رئتاي من المواد المخاطية كلها وارتفعت نسبة الأوكسجين في جسدي إلى 95%والحمد لله.. في هذه الأثناء وأنا أعالج نفسي بقوة الله وقدرته بعيدا عن جو المستشفى الذي لم يدخلها مصابا إلّا وتوفي.. قد رُزِئت بخبر وفاة شقيقتي بالڤيروس في المستشفى لعدم توفر الإمكانات اللازمة للسيطرة على وضعها… هنا تعبت نفسيتي،ولكني لم أفقد الإيمان بقدرة الله على صنع المعجزات.. فقد استمريت بالتمسك بالله والتوسل به ليمنحني القوة للمقاومة.. وقد ذهبت عصرا إلى الطبيب وبعد فحوصات وتحاليل أخبرني أن حالتي مستقرة،ثم بجلسة أخرى وبعد فحوصات وتحاليل أخبرني بأن الوباء قد خرج من جسدي وعليّ بالأكل وتعويض ما فاتني لتقوية المناعة.. حتى إنه قد شاكسني بأن أذبح له خروف بمناسبة شفائي على يديه.. (والقادر الله وحده).وبعد أن استفقت من دوامة الجندي المهذب للنفوس وجدت زوجي قد تخطى مرحلة الخطر وحالته مستقرة والحمد لله رب العالمين… 

إلهي بحقك وبحق رسولك وآله إشفي عبادك المخلصين واهدي عبادك العاصين ولا تفجع أحدا من أمة محمد ببدنه أو بعزيز أو حبيب أو قريب.. إلهي إرفع هذه الغمة عن هذه الأمة وسلطها على الكفرة والملحدين من أعدائك الشياطين…. أللهم آمين رب العالمين والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين..١٥/٨/٢٠٢٠

………………………… 

الأديبة تغريد طالب الأشبال

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شظايا الغياب...بقلمالشاعر محمد أكرجوط

 -شظايا الغياب- موجع غيابك حجب عني الإرتواء ولا قطرة تسد رمقي ولا نظرة تكفكف دمعي لتوقظني من غفوتي المشرعة على بياض القصيد  بلبلة حروفي  صدى...