دور الدعاية الإعلامية في صناعة أجراس الوعي
إن برشقة العقول وصناعة أضربها لايكون إلا من آنيات وأوعية مستحضرة تلطف جو تورعها التوجهي وتعقمها في مستجدات أبحار مجتمعية ومراكز عبور بيئية التي تعد أسِرةً حاملة لوكر فكري وتصوري صانعا لمسكن ذلك البناء الفكري لصاحبه ،وهذا الإحتكام والتوالد المحيطي بين الرؤية الفضائية للأفكار وتمازجها وإستشرائها بضغوط عقلية وحقيقة إدراكية تعد شريط لاصق في ذلك الخلق اليدوي للتصور البشري وأنسجته بلباق وعي منتج ومتنامي تحكمت فيها الكثير من التجميلات وأرضعته حليب مختبر لتنشأ مكون عضوي بطبيعة غذائية هي من ستتحكم في قلاعه وتصغيه بكامل حدادية لذلك القالب الذي تم العمل عليه، ولعل أحد المدافع التي ترج هذا التصور الفكري وتتحكم في جزء كبير من صناديقه هي الدعاية الإعلامية أو نسميه "وعي الإبر الجاهزة"،إن هذه الدعاية الإعلامية هي منتوج وعي مخبأ ووعي مدروج في شبكات مرئية وإخبارية تلامس كل حواس الذات البشرية ولها في الخلف أعواد تنبش بها في عقيدة التوجه الإنساني وهي من تقوم ببسطها على الأرض وعملية جمعها وفق متون تم وضعها كتلموذ في تهويد العقل البشري وصيانته بالطريقة التي تريد، وهذا العمل المسوق لوعي مختلق هو ماستصادفه طبيعة تلك النشأة العقلية وتقاربها الشملي مع هذا الوعي المدجن والإصطناعي، لكن هذه المجابهة ستتقولب إلى تقسيم الأفواج وظهور عقائد فكر ووعي عقلي تختلف في طريقة تجسدها مع هذا العمل العصبي ،لذلك سنذكر ثلاثة أصحن لهذا التقبل العقلي وطريقة تواكبه مع هذا الواقع المبتكر!
إن غياب الأداء النقدي للكثير من الشخوص المختزلة في طبيعة تنميتها الفكرية والتي أخذت شربة ماء من ذلك الإعلام المتوفر وسبحت في مداركه وتبنت قيمه وأعطت بثاق لإعتماد توجهي باطني جعلها متكأة على ظهورها وخلقت من غصونها أعشاش لتستقر فيها كل دهاليز الوعي المنجز والمنتج وهذا النوع من الشخوص هو نوع مسلم وقابل ومتنازل لايحقق ولايوثق في قيمة الطعم الذي يتناوله هدفه فقط الإستحواذ على المعلومة وعدم الجري وراء مسقطها ومنبتها وكيف نمت وهذا النوع بطبعه يمتلك وعي مقدم ومضبوط على طقوس محددة لايمكن أن ينقرض عنها أو يقاطعها أو يأخذ منها موقف الردة بل تجده مدافعا شرسا على وعي ليس من صنيعته ولا من عائلته العصبيه لأنه ببساطة لايملك بناء معتقدي حقيقي بل هو رهين محركات تكنولوجية وتقنية هي من تصنع رمزيته وتشكل تضاريسه
أما النوع الثاني من الشخوص هو النوع المثقف والذي يمتلك رحيقا من المعرفة المتهاطلة لكنه لايوظفها بل يدخرها في مناقشات تاريخية أو وقائع حدثت أو مناظرات علمية لكن عطبه يكمن في أن وعيه لايعتمد على التحقيق ولاتسليط الضوء والخوض في تحريات المعلومة ومتابعتها قضائيا بطريقة فكرية ،بل تجد هذا النوع من الشخوص يلتأم مع الأطروحات الإعلامية ولايفعل قطعانه الأدواتي أوالتنقيبي وهذا لايفسر إلا من غياب إعتماد حقيقي في توجه وغياب في تأسيس الفكرة وعملية تقبلها وتصديقها وهو كذلك ضحية غياب وعي جواري داخلي يحاول به الجري قبل أي توقف عند أي معطى يذاع
الجانب الثالث هو ذلك الوعي النقدي الذي تصنعه شخوص تآلفت مع ذاتها وصنعت وعيها بتوافقات وشاكست واقعها ولم ترضخ لبناءات فكرية هدامة بل حركت مدركات وأفسحت عقولها وخلقت جو طبيعي في بناءها العمراني للفكر وآمنت بأن الفكر هو عملية إستنتاج وتحقيق وممارسة عقلية وقوة باطنية ذاتية يمكنها أن تسترسل وتقدم وتنجز في مستوطن جسدي واحد ،وهذا البناء البهيج الذي توفرت فيه كل تنويعات في الأراء وضبطها بالنقاش والتحليل هو من أغلق الباب أمام وجدان خارجي قد يخترقها ويؤسس ليفسد ذوقها التمعني ،فأفشل هذا العقل المتزن كل نتوئات خارجية من شأنها تصنع وعي التسلط وتعكر المزاج البيئي لأبناء هذا العقل، فنجد هذا النوع جلي ومدقق ومتحري وملاحق وغير مسلم ولا مفتوحا للذراعين.
الكاتب:لبيك صابر ،الجزائر

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق